أيها الضيف المغادر، كن رفيقا بأحوالنا، في حقيبة ترحالك خذ كل الأيام التي أوجعتنا، خذ كل الأحلام التي لم تتحقق، خذ كل صحبة كَذُوب، كل احباطاتنا، خذ ليالي السهر وقرصة القلب وخيبة الظن والدمع السخين … ولا تعد مرة أخرى.
لقد كنت عامًا مليئًا بكل شيء!
تعلمت من الضيف المغادر الكثير والكثير. كان حريصًا أن تصل رسالته حد الإتقان. تعلمت أن
من أعظم ما رُزقنا من النعم في الدنيا هما القدرة على التذكر والقدرة على النسيان.
كلما مر بنا قطار العمر وفي نظرة إلى الوراء، عندما تحاول تذكر ما آلامك، من تجاوزك، ما سرقته منك دنيتك، من فقدت، من أطفئك تواجده، من هدم ثوابت راسخة في روحك، من اختلت أمامه قيمك … لقد مر من الوقت الكثير.
يا إلهي كم تحملت النفوس!
كل ساعات الفرج
من أكثر الأشياء التي استمتع بها في سفري بالقطار هي النظر إلى المروج الخضراء والتمتع بصور الحياة التي أراها من خلف زجاج القطار. خط الأفق الأخضر يبعث على البهجة.
اللون الأخضر على مد البصر يتسبب في الكثير من الحسن للقلوب، أشجار ونخيل باسقات لا تحجب الرؤية بل تزيدها بهاءا، بيوت صغيرة وكبيرة ومتواضعة، فيلات وقصور، بعض من الأجران وعشش استراحة
نبحث طوال حياتنا عن أولئك الرائعين الذين يقفون بمقربة من قلوبنا، عن أثرياء النفوس، نلتصق بصانعي المودة ونحب أن نعيش بينهم.
فهل سألت نفسك يومًا ماذا قدمت يا صديقي لمن أحببت؟ ما هو موقعك على خريطة قلبه؟ هل أنت شخص لا يُعَوض؟ هل يمكن استبدالك؟
إن أحد أسباب وجودك في هذه الدنيا هو أن تجعل وجودك في حياة الآخرين لا يُعَوض، ألا يتخيل من أحبك
جلست بالقرب من نافذة القطار وكان المكيف شديد البرودة اِلتَحَفَت أكتافي بشال أزرق كلون السماء ثم نظرت من النافذة فإذا بالزجاج مُتْرِب يعوق الرؤية.
إن الرؤية بوضوح أحد مباهج الدنيا لأنها تمكنك من التمتع بالجمال الذي ينتظرك.
رغم ذلك أعرف أشخاص كُثُر لديهم مطلات جميلة في دنيتهم ولا يتوقفون عن الشكوى والأنين.
اللحظة التي حرمت فيها رؤية
في جلسة الأسبوع الماضي مع صديقاتي الحبيبات، كان الحديث دافئ ومريح بحق.
تلك السويعات القليلة التي تقضيها مع أصدقاء اختارهم قلبك هي "الترويح المحبب"، وتعد في نظري من ضمن أسباب الاستمرار في العطاء وتجنب التوقف وسبب رئيسي لمكافحة المصاعب ومجابهة الخذلان.
أثناء استمتاعنا بوقتنا سويًا دار حديثنا عن العمر. لذا فمقال اليوم هو أول