تسليع وتثمين الحياه العامه واعتبار كل شيء حولك بمثابه سلعه او خدمه ٠يمكن بيعها وشراؤها، فقط عليك أن تعي ظروف اللعبه وتعلم جيدا كيف يمكنك المتاجرة فى اي شيء ولو لم يكن شيء من الأساس، هذا هو مختصر الكتاب الذي اصعق به الكاتب مصداقيه كل الموجودات من حولنا.
يتضمن الفصل الاول من الكتاب حديثًا مفصلًا حول المعرفة والتعليم والخبرة، فالجامعات في العصر الحديث أصبحت بمنزلة علامات تجارية، وما تقوم به الشركات لتمويل مشاريعها الكبرى هو شراء هذه العلامات مقابل الحصول على الأختام والتقارير التي ترفع الثقة بمشاريعها، وتكسبها صورة أكثر إيجابية أمام الجمهور ولا عزاء للعلم.
يصف دونو الأساتذة الذين يحتاجون إلى التقنيات التكنولوجية بأنهم غارقون في بلبلة الرموز غير المفهومة، ويعانون من حاجتهم إلى العكازات التكنولوجية التي أفقدتهم القدرة على التفاعل، وتراجع مستوى الذكاء العام بسببها، وحرمت الفكر من استقلاليته.
فى فصل اخر أكثر صداميه وواقعيه،يتحدث المؤلف عن رأس المال الثقافي، والفن التخريبي المدعوم، وعن التأثير السلبي لوسائل الاتصال في نزع الناس عن الواقع، مثلًا التلفاز هو قوة مسلطة لنزع القيمة الجمعية بين الناس، فعندما يقدم للمشاهدين الشيء ذاته.
في الوقت ذاته، وفي المحتوى ذاته، يجلس ملايين من الناس في الوقت ذاته منفصلين منعزلين في أقفاصهم لا يعيشون التشارك الاجتماعي الحقي، الكتاب ،بنوع من التمرين الفكري حول هذا التحدي الهائل، والغامض مع ذلك الذي يصيبنا وجميع المعاصرين ويقصد التفاهة المنتشرة، كما يؤكد دونو أن التافهين قد حسموا المعركة، من دون اجتياح الباستيل في إشارة إلى الثورة الفرنسية، ولا حريق الرايخشتاج (البرلمان الألمانى) في إشارة إلى صعود هتلر في ألمانيا ربح التافهون الحرب وسيطروا على عالمنا وباتوا يحكمونه.
يذهب "دونو" إلي أن التفاهة هي مرحلة من مراحل تطور النظام الرأسمالي الاحتكاري إذ تحولت فيه المهنة إلى وظيفة لتضمن لك البقاء فقط على وجه الأرض. التفاهة هي أن يعمل العامل عشر ساعات عمل في مصنع السيارات دون أن يستطيع إصلاح عطل بسيط في سيارته، وينتج العامل الزراعي غداء لا يستطيع شراءه، وتبيع كتبا ومجلات ولا تستطيع قراءة سطر واحد، إذ أصبح العمل تغريبيا وتشيئيا كما صورة الفكاهي الشهير "شارلي شابلن" في مجلة الأزمنة الحديثة.
صارت السلطة في يد التافهين، وصارت إمبراطوريتهم تمتد إلى جميع جوانب الحياة: الاقتصاد، العلوم، القانون والسياسة. في عملهم الجاد وسرعتهم في التكاثر، هم مغالون جدا، إلى درجة أنهم خلال زمن غير بعيد سوف يقضون على كل شغف، يقمعون كل إحساس بالمخاطرة، يمزقون كل فكرة سياسية أصيلة إلى ممزق صغيرة.
في هذا الكتاب، يقدم دونو تحليلاً ثاقباً- كاويا في بعض الأحيان- لعهد التفاهة هذا، الذي يؤدي إلى إصابة العقل البشري بالعقم من خلال نشر الميل الحاد للفتور الثقافي والسياسي. التفاهة هي نظام اجتماعي يؤدي إلى تهدید دائم بالسقوط في الوسط.
التعليقات