نعم، أدرك أنك سمعت هذه العبارة عدداً لا يحصى من المرات.. لذلك السؤال الذي يطرح نفسه: هل تدرك أنت نفسك عدد الاختيارات التي تختارها يومياً بوعي أو بدون وعي، والتي بدورها تصيغ حياتك التي تعيشها اليوم؟
ولا أتحدث فقط عن وضعك المادي ولا مركزك الاجتماعي فقط، بل حتى علاقاتك العاطفية والعائلية ووضعك الصحي وأكثر من ذلك.. فكل شيء متأثر باختياراتك.
لذلك، وبما أننا على أعتاب عام جديد- أرجو أن يكون أسعد وأروع من سابقه، سأقترح ثلاثة اختيارات أثبتت التجارب أنها كفيلة بتغيير حياتك نحو الأفضل. أليس هذا ما تريد؟
إذا كان جوابك نعم، فإليك اقتراحاتي:
1- هل تشعر منذ فترة بكسل وخمول واكتئاب، وحزن لا مبرر له؟ بادر بعمل فحوصات طبية وتحليل شامل للدم، مع التركيز على مستويات فيتامين دال ومخزون الحديد في الجسم، واطمئن على أحوال الغدة الدرقية. لقد أخبروك عندما كنت في المدرسة أن العقل السليم في الجسم السليم.. ونسوا أن يخبروك أن الروح السليمة تسكن في الجسم السليم أيضاً. هذا الجسم الذي نحن فيه أشبه بمركبة فضائية متطورة جداً، تسكن فيه الروح حتى تتمكن من عيش تجربتها الأرضية كإنسان (سواء على هيئة ذكر أو أنثى). وهناك ارتباط لا يكاد ينفصم بين الاثنين، وبالتالي مرض الجسم سيؤثر حتماً على الروح، وبالتالي على إحساسك تجاه المواقف والتجارب المختلفة في حياتك. لذلك، تخطى خوفك من إبرة الطبيب، واذهب لعمل هذه الفحوصات.
2- الوضوح ثم الوضوح ثم الوضوح. غياب الوضوح أمر مكلف جداً مادياً ومعنوياً. معظم المسترشدين عندي تكمن مشكلتهم في ضبابية أهدافهم. عندما أسأل أحدهم مالذي بودك الحصول عليه؟ تجده يحتار ولا يعرف.. في الغالب يكون عنده فكرة ما عن الهدف في ذهنه، لكن عندما يجلس أمامي يبدأ ذهنه بالتفكير في عشرات الأهداف الأخرى الأهم من هدفه الأولي. طبعاً عندي تقنيات معينة أساعد بها الشخص على تصفية ذهنه من التشوش، والتوصل إلى ما يريده فعلا في أعماق نفسه حتى تتغير حياته كما يرغب.
عموماً، هناك أشياء يمكنك فعلها بمفردك مجاناً وبدون جلسات ولا كوتش حتى تصفي ذهنك وتتوضح عندك الرؤية، ومن أهمها التدوين. إليك الطريقة: اجلس في مكان هادئ- (بدون حتى موسيقا!)- وأحضر دفترك وقلمك وابدأ بكتابة أهدافك كلها.. ثم فلتر هذه الأهداف من حيث الأولوية، ثم فلتر أول ثلاثة أهداف من حيث استعدادك لاستثمار الوقت والجهد والمال فيها. والهدف الذي يتبقى بعد ذلك، فكر فيه ثم اطرح هذا السؤال: بماذا يفيدني حصولي على ذلك؟ وأعد طرح هذا السؤال ثلاثة مرات على الأقل أو حتى تشعر أنك وصلت إلى هدفك الحقيقي المختبئ وراء هدفك الظاهري. طبعاً، يمكنك التواصل معي عندما تحب أن تتعمق أكثر في ذلك، وتتخلص من معيقاتك اللاشعورية.. يسعدني أن أرافقك في رحلة تغيير حياتك نحو الأفضل.
فائدة الكتابة هي أنك تخرج الأفكار من ظلام الداخل إلى نور الخارج. من المفيد أن ترى بعينك ما هو مكتوب، فهذا يساعدك على كسب الوضوح، وتقدير الأشياء بحجمها الطبيعي.
عندما تتوضح الصورة أمامك، ستعرف لماذا لم تكن قادراً على الوصول إلى ما تريد رغم كل مجهوداتك.
3- اعمل على إصلاح علاقتك بالله سبحانه وتعالى. هذا هو أهم وأفضل شيء يمكن أن تفعله من أجل نفسك ومن أجل المحيطين بك في السنة الجديدة. راجع معتقداتك عن الله سبحانه، وانظر في طبيعة علاقتك به، وكن صادقاً في مشاعرك تجاهه في أعماقك. الصدق هو الشيء الوحيد الذي سيفيدك في هذه العملية. وماذا عن ظنك بالله؟ هل أنت سيئ الظن به أم حسن الظن؟ هل أنت "زعلان" منه؟ هل تحبه أم تخاف منه؟ هل هو سبب ابتلاءاتك ونحسك في حياتك، أم هو سبب النعم والتوفيق؟ هل تشعر أنه يدير ظهره لك ولا يهتم، أم أنه معك ويساعدك من خلال تسخير الملائكة والأشخاص الطيبين؟
أدرك يقيناً عزيزي القارئ، أن الديانة لا تهم هنا بقدر ما يهم طبيعة العلاقة بالله تعالى. وأنك مهما اتبعت من أساليب ومهما بذلت من مجهودات، كن على ثقة أنك لن تبلغ ما تريد ببركة وسهولة وسلاسة إلا عندما تصلح العلاقة بينك وبين خالقك.
وأعرف أن هذا الأمر من أصعب الأمور وأشقها على النفس، فأكثر ثلاثة عليها برمجة قوية من المجتمع هي المال والحب والعلاقة بالله تعالى. قد تقول: كيف والمصائب تلاحقني، والنحس ملازمني؟ الجواب بكل بساطة هو تغيير ما تركز عليه. ابدأ بالتركيز على النعم الصغيرة أولاً.. مهما كانت صغيرة وبسيطة في نظرك، هناك من هو محروم منها ويتمناها.
العقل أداة في يدك، ويتمتع بميزة "الفلترة التلقائية"، فعندما تركز على شيء معين مثلاً سيارة صفراء، سيعتقد عقلك أنك مهتم بالسيارات الصفراء فيفرز لك فقط السيارات الصفراء في الشارع ويبرزها أمام عينيك حتى تظن أن البلد امتلأ بين يوم وليلة بالسيارات الصفراء فقط. فعّل هذه الميزة لصالحك، وتعلم كيف تقود عقلك بدل أن تتركه يقودك!
وختاماً، أرجو أن تساعدك هذه الاختيارات الثلاثة- إذا اخترتها!- على البدء في تحويل حياتك الحالية إلى ما تريده وتستحقه فعلاً من نعيم وسعادة واطمئنان داخلي، وبأفضل وأروع وأيسر الطرق.
لبنى عامر
اختصاصية تشافي العلاقات السامة
التعليقات