تمضي جلسات الحوار الوطني بثقة فاتحة نافذة جديدة للتفاعل الخلاق بين مختلف التيارات وترك مساحة للاختلاف والنقاش لأجل مستقبل أفضل، وقد اظهرت أجواء الشفافية والتنوع ووضوح الرؤية خلال افتتاح الجلسات النقاشية للحوار الوطني، ان هناك عزما حقيقيا للمضي قدما في مناقشة قضايا الوطن.
ويعكس التفاعل الكبير من مختلف فئات المجتمع مع مناقشات الحوار وما يكتبه عنه في وسائل الإعلام، الجهد الكبير الذي بذل في الإعداد لهذا الحوار بخاصة من جانب الأستاذ ضياء رشوان المنسق العام للحوار الوطني والمستشار محمود فوزي رئيس الأمانة الفنية للحوار.
وقد استشعرت من خلال ردود الفعل والتفاعل الكبير الذي لمسته بعد نشر الجزء الاول من هذا المقال مدى المتابعة والاهتمام الشعبي ليس فقط بما يجري داخل قاعات الحوار وانما ايضا بما يكتب عنه في وسائل الإعلام، بخاصة في المحور الاقتصادي الذي يلامس اهتمامات قطاعات كبير من الشعب.
كنت قد اشرت في مقالي المنشور يوم 13 مايو إلى جوانب من التحديات التي تواجه القطاع العقاري وبعض المشكلات التي يعانيها المتعاملون مع الشركات العقارية ومشتري الوحدات السكنية وقد تلقيت رسائل وتعليقات عديدة تؤكد اهمية ان يحظى القطاع العقاري باهتمام المحور الاقتصادي في الحوار الوطني، فقد تبين ان بعض شركات التطوير العقارى تستخدم أساليب تناقض أعراف وآليات السوق حيث تبرم عقود إذعان للمستهلك تتضمن بنود مفخخة بحيث تبقي ملكية العقار للبائع وتعطيه سلطات وحقوق لا محدودة حتى بعد بيع جميع الوحدات، وكأن المشترى يدفع فقط جزيه للبائع، ومن الأمثلة الدالة على ذلك إهدار وديعة الصيانة ومطالبة الملاك بعد ذلك بدفعات شهرية للصيانة والأمن.
وبعض الشركات العقارية لا تفي بالتزاماتها سواء فى التشطيب او تسليم الوحدات فى موعدها. بينما تدفع شركات أخرى المستهلك لترك الشقة بعد ان يكون أوشك على سداد معظم اقساطها، من اجل إعادة بيعها بسعر جديد.. على سبيل المثال تعاقد احد المشترين على شقة مع احدى شركات التطوير العقارى فى مشروع بمنطقة المستقبل بالتجمع الخامس منذ العام 2016 وسدد اكثر من ثلثي الأقساط، ولكن عندما زار موقع المشروع، تفاجئ بأن الشركة لم تنته من أعمالها ولم تسلم الوحدات السكنية في الموعد المحدد عام 2020 وأنها قامت بتحصيل قيمة وديعة الصيانة قبل موعدها، فتوقف عن سداد بقية الأقساط تنفيذا للمادة 457 من القانون المدنى التى تبيح للمتعاقد حبس الثمن اذا لم توف الشركة بالتزاماتها وعندما علم ان الشركة استأنفت العمل حاول دفع بقية الاقساط وابدى استعداد لدفع غرامات التأخير التي يحددها العقد ولكن وجد مماطلة من موظفي بالشركة وعندما أصر على مقابلة أحد كبار المسئولين بالشركة، تفاجئ بأنها تريد إعادة تسعير ما يعادل هذه الأقساط من امتار بسعر 16 الف جنيه للمتر (بزيادة اكثر من 3 اضعاف السعر المتفق عليه بالعقد)، بالإضافة الى زيادة 60 % في قيمة وديعة الصيانة التى سدادها كاملة وخلال المفاوضات اكتشف ان الشركة رفعت عليه قضية فسخ العقد فاضطر الى دفع هذه الاقساط في المحكمة بعد ان رفضت الشركة استلامها، على الرغم من الشركة تأخرت قرابة الثلاث اعوام عن موعد التسليم ولم تقدم أى تعويض عن هذا التأخير الذى يعنى زيادة كبيرة على المستهلك فى التشطيب النهائى لأن الشقة تسلم (نصف تشطيب).
أما الطامة الكبرى فهي إن الشركة حكمت ضده غيابيا بالحبس من خلال التدليس وتضليل العدالة حيث رفعت قضية شيك لم يسدد بدون تبليغ المحكمة ان هذا الشيك هو قيمة أحد اقساط الشقة، الذي دفعه بالفعل للشركة في المحكمة والنتيجة انه دفع كامل ثمن الوحدة والصيانة ولم يستلم الوحدة بل وصدر ضده حكم بالحبس وهو مطالب بدفع قيمة الشيك مرة أخرى او الحبس!! وهناك قضايا اخرى عديدة على هذا النحو ، مما يتطلب ان تخضع تصرفات مثل هذه الشركات العقارية لرقابة الدولة لحماية المواطنين من الغش والتحايل على القانون، وإصدار تشريعات تقنن صيغ عقود البيع وما يعتريها من ثغرات تضر بسمعة القطاع العقاري وتحمي مشتري الوحدات السكنية من التعرض للابتزاز باستخدام مثل هذه الحيل الخبيثة.
التعليقات