لم يجتمعا أمام الكاميرا، ولا أدرى ما حال العلاقة بينهما بعيدًا عنها! لا أتصور سوى أن عمرو مثل العديد من النجوم يرصد بتأمل وإعجاب الإنجاز الاستثنائى الذى حققه عادل، ليس فقط غير مسبوق، ولكن أيضًا من المستحيل تكراره، لأنه أيضًا مرتبط بزمن ما قبل تعدد منافذ العرض والإنتاج من فضائيات ومنصات.
عمرو سعد كما قال لى بصدد إنتاج فيلم تسجيلى طويل عن عادل إمام، بصمة عادل، على الساحة الفنية، بكل أطيافها، منحة إلهية، أسعدت نحو ستة عقود من الزمان، كل ناطقى اللغة العربية، فكان مسرحه أحد أهم عوامل الجذب السياحى لمصر.
عشرات من البرامج رصدت حياة عادل، شارك هو فى بعضها، ولكن لا يزال قطعًا فى حاجة إلى رؤية عميقة ترصد إبداع هذا النجم الاستثنائى 60 عامًا من العطاء، بينها أربعون على القمة الرقمية، فى الوسائط الأربعة، سينما مسرح تليفزيون إذاعة.
لم يحدث أن حققها أى نجم آخر، عادل يستقبل أكثر مما يرسل، وهذا هو سر التجدد، إسماعيل ياسين مثلًا، على العكس، لم يستطع مواصلة البقاء على عرش الكوميديا، لأنه لم يصدق أن هناك جيلًا آخر يقوده عبدالمنعم مدبولى وفؤاد المهندس، لم يقتنع (سُمعة) بأن هناك نبضًا آخر فى الكوميديا، عبرت عنه مجموعة أخرى، تعامل معهم باعتبارهم ظواهر عارضة سرعان ما تنقشع، بينما عادل إمام تجده مثل الموسيقار محمد عبدالوهاب فى علاقته بمن يأتى بعده، ربما فى البداية لا يشعر بارتياح، مثلما توجس من عبدالحليم حافظ وجناحيه كمال الطويل ومحمد الموجى، إلا أنه بعد ذلك هضم صوت حليم، وموسيقى الموجى والطويل، وجذب إليه عبدالحليم ليصبح شريكًا له، فى شركة الأسطوانات والسينما (صوت الفن)، انظر ما الذى فعله على الجانب الآخر إسماعيل ياسين، وجه شكوى لوزير الثقافة متهمًا مؤسسة السينما بالانحياز لفنان آخر، لم يذكر اسمه صراحة ولكنه كان يقصد فؤاد المهندس، كما أنه لم يستعن بأحد منهم فى فرقته المسرحية أقصد أمين الهنيدى ومحمد عوض وأبوبكرعزت وغيرهم من نجوم تلك المرحلة.
ولم يغفرها له فؤاد، وعندما طلب إسماعيل من محمد عوض أن يشاركه وفؤاد المهندس المسرحيات التى كان عوض والمهندس يلعبان بطولتها وافق عوض واعترض المهندس.
عادل إمام لديه مؤشر يحدد له معالم الطريق. إنه شباك التذاكر، وهكذا منذ 1997 مع زلزال (إسماعيلية رايح جاى) الذى تأكد فى (صعيدى فى الجامعة الأمريكية)، أيقن عادل أن الزمن قد تغير، واستوعب تمامًا مفرداته الجديدة، بينما محمد هنيدى وبعده محمد سعد، تعثرا كثيرًا برغم ما حققاه فى البداية من إيرادات ضخمة، لأنهما لم يجيدا الإنصات لصوت الأيام.
عادل فى حياته العديد من المحاور الجديرة بالتوقف مثل علاقته بالسلطة، المفروض أنه صوت وضمير الشعب، عاصر منذ بدايته مطلع الستينيات زمن عبد الناصر وكان سعيدًا أنه حظى بسلام عابر منه.
منهجه اقتنص ما تسمح به الدولة من انتقاد عبر الشريط الفنى، إلا أنه يظل محافظًا على إرضاء السلطة، لا يغفل دومًا حق الشعب فى أن يرى هامشًا من المشاغبة، وحق السلطة فى الضبط والربط.
عادل ملهم لأكثر من جيل وأكثر من فيلم وأكثر من قضية، تمتزج فيها تجربته المتفردة فنيًّا وإنسانيًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا، أنتظر أن أرى بعضًا من كل هذا فى فيلم عمرو سعد!.
التعليقات