في رحلة الحياة، وفى أثناء قيامنا بالمهام اليومية على المستوى الشخصي أو المهني، قد نتعرض لبعض الانتقادات أو التوجيه من مسئول كالمدير في العمل أو الأب والأم في المنزل عندما نخطئ في أمر ما، ونواجه ذلك بطريقة غير لائقة؛ في حين يعتقد المسئول أن الصراخ والوعيد وتوقيع الجزاء يأتي بثماره سريعا في تقويم الفرد، ويساعده في الالتزام وتنفيذ المطلوب بكفاءة وفاعلية.
والسؤال الآن: هل هناك طريقة أفضل للتعامل بين الأطراف المختلفة؟
خلال البحث في هذا الجانب.. وجدت أن "والت ديزني" ـ صاحب أشهر مدينة ترفيهية على مستوى العالم ـ قدم لنا درسًا في فن القيادة، ففي أحد الأيام؛ قام "والت ديزني" بجولة بَحرية تجريبية في بحيرة "أدفنشر لاند" خلال تأسيس مدينته، لاختبار خدمة جديدة لزوار "ديزني لاند".
كانت الخدمة التي تقدمها "ديزنى لاند"، هى جولة بحرية تستغرق 7 دقائق، يستمتع خلالها الزائر بشخصيات ديزني المختلفة، ولكن عندما استقل "والت ديزني" المركب المخصص لتلك الجولة، لم تستغرق إلا 4 دقائق فقط؛ هذا بخلاف ما كان مخططًا له، فاعتبر "والت" أن هذا يعد مشكلة كبيرة.
ذهب "والت ديزني" إلى الموظف المسئول ـ آنذاك ـ "ديك نونس"، وبكل هدوء ومن دون توبيخ، سأله عن المدة الزمنية المخططة لتلك الجولة؛ فكان الرد أنها "7 دقائق".
بعدها.. حاول "والت ديزني" أن يوضح أن السرعة الكبيرة للمركب في البحيرة؛ لا تتيح الفرصة للزائرين للتمييز بين فرس البحر والديناصور.
وفي رد فعل سريع.. سأل "ديك نونس" عن الرؤية المستقبلية لـ "والت" من الجولة البحرية، وخلال 30 دقيقة، شرح فيها "والت ديزني" ما يريده ورؤيته وأهدافه، ورد على جميع استفسارات "نونس"، ثم تركه لينفذ ما تم التوصل إليه.
وبالفعل، بدأ "ديك نونس" ومساعده بكل حماسة، في عمل جميع التعديلات الضرورية لتنفيذ المطلوب، واستغرق التنفيذ أسبوعا حتى موعد الجولة الأسبوعية لـ "والت ديزني" لتفقد الخدمات المختلفة، ومن الطريف أن "نونس" ومساعده كادا يصابان بدوار البحر من كثرة التجارب التي أجرياها؛ للتأكد من دقة التعديلات.
انتهى الأسبوع الأول؛ ولم يأتِ "والت ديزني"؛ فاستغل "ديك نونس" الفرصة وأكمل التحسينات.
وبعد الأسبوع الثاني؛ لم يأتِ أيضًا "والت ديزني"؛ فاستمر "نونس" ومساعده في عمل التحسينات.
ثم جاء الأسبوع الثالث.. وأيضًا لم يأت "ديزني"، فتابع "ديك نونس" إجراء التحسينات.
فى الأسبوع الرابع؛ جاء "والت ديزني" وتوقف أمام اللعبة، واستقل المركب الأول في رحلة بحرية، ثم أعاد ركوب القارب للمرة الثانية.. والثالثة.. فالرابعة.. والخامسة!
فماذا حدث؟
أبدى "والت ديزني" شعوره بالرضا عن الخدمة، ورفع يده في إشارة لموافقته وتأييده للتعديلات والتحسينات التي أجراها "ديك نونس"، إذ كانت لدى "والت ديزني" رؤية ورسالة خاصة في "فن القيادة"، ومن أهم تلك الرؤى والرسائل؛ رضاء العميل عن الخدمة المقدمة بشكل كامل، بالإضافة إلى رضاء الموظفين، وهو ما يؤدي بالتالي إلى الحفاظ على موارد "ديزني لاند"، ومن ثم تحقيق الأهداف المنشودة.
تُظهر المواقف المختلفة نوعية القائد، فالقرارات التي يتخذها الفرد في أحداث معينة، تظهر مهاراته وقدراته على إلهام وتشجيع الآخرين للتغلب على التحديات خلال رحلة الحياة، من خلال تقبل الآخرين ونشر الحب والود بين أفراد الفريق الواحد لتحقيق التجانس، وبالتالي تحقيق النجاح والاستقرار.
في المقابل، ينشب في الحياة الشخصية الخلاف بين الكبير والصغير على أقل الأخطاء فداحة. حيث يقدم الكبير على الصراخ وتوبيخ الصغير، وقد يصل الأمر للضرب أحيانًا، وذلك نتيجة موروث قديم.. يعطي الأكبر سنًا الأحقية في تربية الآخر بهذا الأسلوب. لكن، وفي ظل التعامل والتوجيه والتمتع بسمات ومقومات القيادة، يتم الارتقاء بالمجتمع والقضاء على السلبيات داخل المجتمع الواحد.
وطبقًا لعلم الميتافيزيقا ـ وهو فرع من علم الفلسفة يدرس جوهر الأشياء ـ فإن العقل البشري مثل المغناطيس، "يجذب إليه الناس خلال المواقف والظروف لحالات أفكار متشابهة"، فعندما نفكر بطريقة إيجابية، فإننا نجذب إلينا المواقف الإيجابية، وبالمعيار نفسه؛ "حين نفكر بطريقة سلبية؛ فإننا نجذب إلينا المواقف السلبية".
التعليقات