ما يحدث لنا في الحياة ليس من قَبيل الصدفة أو الحظ المطلق، ولكنه نتيجة لأحلامنا وتصوراتنا وأفكارنا التي نؤمن بها، بالإضافة إلى عوامل الدافعية التي تمنحنا القدرة على تحقيق النجاح والمهارة اللازمة لذلك. فمن أجمل الاقتباسات لـ "والت ديزني" حين يقول "يمكن أن تتحقق كل أحلامنا.. إذا كانت لدينا الشجاعة لملاحقتها". وهذا ما فعله ابن مدينة "ماركس" في مقاطعة "كويتمان" بولاية "ميسيسيبي" بالولايات المتحدة الأمريكية.
إنه.. "فريدريك سميث" ابن "جيمس فريدريك سميث"، مؤسس سلسلة مطاعم "تودل هاوس" وشركة "سميث موتور"، الذي نشأ على يد أمه وعمه بعد وفاة والده وهو ابن 4 سنوات.
التحق "فريدريك" بجامعة "ييل" الأمريكية في عام 1962م؛ وفي أثناء دراسته لمادة الاقتصاد؛ طلبت الأستاذة من طلابها إعداد ورقة عمل (بحث)، تمثل تصورًا من أحلامهم، فأعد "فريدريك سميث" بحثًا عن نقل وتأمين تسليم الطرود الصغيرة من مكان إلى آخر في يوم أو يومين على الأكثر من يوم استلامه من المُرسل.
عندما قرأت أستاذة "فريدريك" البحث؛ وصفت الفكرة بالساذجة التي تحتاج إلى أن تكون واقعية؛ وغالبًا أنها قيّمت البحث بتقدير "مقبول" أو "جيد".
كان "فريدريك" لديه اهتمام وشغف كبير بالطيران، وأصبح طيارًا هاويًا وهو في سن المراهقة. وبعد التخرج عام 1966م؛ التحق بالبحرية الأمريكية لمدة 3 سنوات حتى وصل لرتبة "نقيب".
لم يهتم "فريدريك سميث" برأي أستاذته؛ لأنه كان مؤمنًا ومقتنعًا بفكرته، وأسس في 18 يونيو 1971م، شركة "فيدرال إكسبريس"، وتكبدت الشركة خسائر مالية كبيرة في بدايتها، لكنه استمر بإصرار على النجاح، وحاول مرة أخرى.
أصبحت شركة "فيدرال إكسبريس" أو "فيدكس" لصاحبها "فريدريك" من كبرى الشركات الناقلة للطرود بجميع أنواعها، برًا وجوًا، وأصبحت تملك الأسطول الخاص بها من سيارات نقل كبيرة، وأخرى صغيرة للتوزيع، هذا بالإضافة إلى أسطول من الطائرات ينقل الطرود من وإلى أي مكان في العالم، من خلال مكاتب الشركة المنتشرة في جميع بلدان العالم، على أن يصل الطرد خلال يومين على الأكثر، وأصبح حجم تعاملات الشركة يتجاوز عشرات الملايين من الدولارات سنويًا.
فالحلم أو التصور هم طوق النجاة الأول على مستوى الأفراد والمؤسسات والدول، فيطمح الفرد أو الرئيس في الارتقاء بنفسة ومحيطه.. وأن يكون هو وفريقه في حال أفضل من الماضي، وإذا اقترن هذا بالفعل والعمل؛ تكون نسب النجاح كبيرة وعظيمة مثلما حدث مع "فريدريك".
فقد أثبت التجارب الإنسانية على مرّ العصور؛ أن أي شخص عادي يمكن أن يعيش ويتعايش من دون بعض الشؤون الحياتية.. مثل قلة الموارد المالية، أو الحظ، أو حب الناس له، أو حتى النجاح في بعض الأحيان.. لكنه لا يمكن أبدًا أن يعيش من دون "أمل" و"حلم"، فهما الرجاء والدوافع ليكون في حال أفضل مما هو عليه، أو تحقيق هدف معين أو حلم كان يلازمه منذ الصغر.
وادعوكم إلى أن تتأملوا مقولة "جورج برنارد شو".. "أنت ترى الأشياء. وتقول (لماذا؟) ولكن أنا أحلم بالأشياء التي لم تكن موجودة أبدًا؛ وأقول (لمَ لا؟)".
التعليقات