الإشاعة سلوك عدواني ضد المجتمع، وتعبير عن بعض العقد النفسية المترسبة في العقل الباطن، وهذا السلوك العدواني قد ينجم عنه أفعال مباشرة، وحرب الشائعات الأقوي والأخطر، والأكثر تأثيراً من السلاح، خاصة في وقت ومراحل انتقال المجتمع من نظام الي آخر.
ولعل أبرز أنواع الشائعات هي ما يتعلق بأمن الناس، ويؤثر على مجرى حياتهم وخاصة الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني، وخاصة عندما يفتقد الناس إلى الإدراك والوعي، وثوابت الاستقرار.
لقد كرم الله سبحانه وتعالى الإنسان بإن منحه عقلا يميز ما بين الخير والشر، وبين الضار والنافع كما صان حياته الشخصية، من كل ما يمسها من أذى ما دام الإنسان متمسكا بالقيم العالية، متخلقا بالأخلاق المرضية غير منحرف ولا متكبر .
ثم جاء الإسلام ودعا إلى الأخوة والمحبة، والصفاء ومنع كل ما يدعو إلى التفرقة والتمزق مثل ترويج الشائعات التى تثير الفتن والبغضاء .
وحرم أسلوب الشائعات لدحضها وقتلها فى مهدها، قبل أن تؤثر فى الناس، والإشاعة عصب الحروب النفسية، ومن أخطر الأسلحة المدمرة، للمجتمعات أو الأشخاص المعنوية للشعوب.
والشائعات سلاح خطير قد يدمر المجتمع، ولذلك لابد أن ندرك خطورة كل كلمة تقال، ويجب التأكد من كل ما نسمع، لأن هناك شائعات يكون مردودها خطيرا من الناحية الاقتصادية على الأوطان .
فالشائعات سلوك معيب، لأنها تحدث نتيجة خلل في القيم والأخلاق، والإسلام حرص علي غرس القيم النبيلة، التي تعلي من شأن الفرد وتؤدي لرقي المجتمع.
والشريعة الإسلامية حاربت الشائعات، التي يتناقلها الذين في قلوبهم مرض ويسعون للإنتقام من الشرفاء، وتشويه صورتهم وقد قدم الإسلام الوسائل التي تعالج تلك الشائعات .
ومن أهم تلك الوسائل التأكد من كل مايقال وما يسمع، حتي يعيش المجتمع في أمان وإستقرار، ويحدث إنسجام بين الناس لخدمة المجتمع، بعيدا عن روح العشوائية في التفكير، والتردد في إتخاذ المواقف نتيجة عدم الثقة في الأخرين.
ومن هذه الوسائل أيضا رد الامور لمصادرها الصحيحة، وسؤال أهل الذكر العالمين بالأمور، والمخلصين في القول المشهود لهم بالصدق، كل ذلك حتي نحارب تلك الأقاويل بالمنطق السليم، والبرهان الساطع والحجة البالغة.
والكثير من تلك الشائعات قد تحمل في طياتها تكذيبا لها لكن الذين في قلوبهم مرض يصدقونها لأنها توافق أهواءهم أما العقلاء فإنهم يقيمون مايسمعون ولا يصدقون مايقوله بعض الناس في غيرهم إلا إذا سمعوا الحجة الواضحة التي تدل علي صدق هذا الكلام.
الشائعات تنتشر أكثر في وقت الأزمات والظروف الضاغطة، أو المثيرة للقلق، كالحوادث والحروب، والمصائب على مختلف أنواعها الاقتصادية والعائلية والاجتماعية.
فالإعلام يلعب دورا هاما فى نشر الشائعات، وذلك حين ينحرف الإعلام عن رسالته ويصبح بوقا لبعض القوى، فإنه يتورط فى نشر إشاعات كاذبه تأخذ صورة الأخبار أو التحقيقات أو المقالات مما يشوه الحقيقة، ويسوق لأشخاص سيئين ويزور الحقائق والأحداث .
حذر القرآن الكريم من نقل الكلام، دون تثبت وتقين من صدق الخبر، والثقة فى ناقله فقال تعالى :(ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) الحجرات.
وقد كانت الشائعات سببا فى كدر شديد للمسلمين، وللرسول وآل بيته حينما تناقلت الألسن (حادثة الإفك)،الخاصة بالسيدة عائشة أم المؤمنين.
وكانت كذلك الشائعات من أسباب هزيمة المسلمين، فى غزوة أحد بعد إشاعة مقتل الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك علينا قبل ترديد الخبر، وتناقله التثبت من صحة الخبر.
والنظر فى ناقل الخبر، ومروجيه هل هو من أهل الثقة، أم أنه من الفاسقين المشهور عنهم النقل،بلا تثبت أو الكذب أو أصحاب المصلحة فى تلفيق الأخبار، ونقل الأكاذيب وممن لا يهتمون بمصلحة البلاد، أو الموالين لأعداء الوطن وأعداء الدين .
الشائعات خطرها شديد وشرورها كبيرة، ولا حدود لها لأنها تلحق الضرر بالأبرياء والشرفاء، وتنشر الشكوك وعدم الثقة بين الناس، والرسول الكريم صلي الله عليه وسلم كان يستعيذ من الفتنة.فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يدعو في صلاته (أعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات).
ومن أشد أنواع الفتن الوقيعة بين الناس، ونشر الأخبار الكاذبة والشائعات حول الشرفاء، والافتراء عليهم بالباطل لتشويه صورتهم لدي الناس، كل هذا له عقاب شديد في الدنيا والآخرة، فعلي الشخص الذي ينقل الأخبار، ويرددها أن يراعي الله عز وجل ويتقي الله فيما يقول وأن يلتزم الصمت .
التعليقات