على مقهى في وسط القاهرة، دار حوار بيني وبين مجموعة من الأصدقاء، عن الصحافة والصحافين، بين الأسماء الذين ركزت عليهم في حواري، "سيد الحوار الصحفي" الكاتب محمود فوزي، الذي رحل عن الحياة في في 17 يوليو 2009 وجدت مقاطعة كثيرة، واستفسارات وصلت لحد استفزازي، يطلع مين ياعم محمود فوزي ده؟ شعرت بإهانة شديدة، وقلت لصاحب السؤال أصل العيب مش عليك، العيب علي الفيس بوك اللي عمل منك صحفي (لومتعرفش مين محمود فوزي تعالى أعرفك) أستاذي محمود فوزي، أصدر 107 كتاب، تقوم جميعًا على حوارات مع جميع رموز مصر في كافة المجالات.
وحصل على جائزة نقابة الصحفيين في فن الحوار الصحفي 6 مرات، بجانب جائزة علي أمين كأحسن صحفي عام 1987، وتسلمها من مصطفي أمين شخصيًا.
الكاتب محمود فوزي
ربطتني به علاقة الجيرة، أننا أبناء حي شبرا، كثيرًا ما كنا نلتقي علي محطة الأتوبيس، وموقف الميكروباص، في أحد هذه اللقاءات الصباحية تجرأت وطلبت منه موعدًا لإجراء حوار معه، تأجل هذا الموعد لسنوات طويلة، لا أتذكر أسرار هذا التأجيل، كل ما أتذكره أن لقاء غير مرتب جمعني به في مكتب صديقي وجدي الشناوي بـ A.R.T، وفوجئت به يذكرني برغبتي القديمة في أجراء حوار معه، وحدد بنفسه الموعد في نادي الصيد بالدقي. علي مائدة بعيدة عن الضوضاء جلسنا، ورغم هذا لم نسلم من مقاطعة المعجبين والمعجبات، ودعوات الغذاء التي تنهال عليه، لدرجة أنني أطهرت له حقدي مداعبًا: نفسي أبقي صحفي مشهور ونجم زيك كده.
بإبتسامة مغلفة بالألم.. رد: تصدق أن أعضاء هذا النادي تعاملوا معي علي أني نكرة لمدة أكثر من 30 عامًا، أحصد الجوائز، وأقوم بإجراء حوارات صحفية تكسر الدنيا، وموضوعاتي تزين أغلفة المجلات، وأحيانًا وكالات الأنباء، تأخذ فقرات من تصريحات أبطال حواراتي. قاطعته وأيه التغير اللي حصل، اترشحت في انتخابات مجلس إدارة النادي؟ ضحك: ما أنت عارف وهي الصحافة تقبل معاها شريك، كل الحكاية أن من ثلاث شهور بدأت أقدم برنامج تليفزيوني علي قناة "دريم" بعنوان "حوار علي نار هادئة" بسببه تحولت في نادي الصيد إلى محمود بك.
بعد أن كنت أجلس في حديقة النادي لا يعبرني أحد حتى الجرسون كان يتأخر في الطلبات.. أديك شايف.. من ساعة ما قعدنا العزومات بتنهال. تدخلت في الحوار أفهم من كده أن ظهورك علي شاشة التليفزيون، منحك الشهرة التي يحلم بها أي صحفي، بهدوء وثقة..
قال: يعني.. طلبت منه أن يحكي لي مجموعة من المواقف وراء حواراته، لا يعرفها القراء بوعد أن أصمت ولا أقاطعه.. مثل مذيعات التليفزيون، اشركني هو في الحوار من جديد قائًلا:
ــ فاكر سلسلة حوارات مجلس قيادة الثورة.
رديت: طبعا والازمات التي تسببت فيها الحوارات بين الضباط وبعضهم.. والتي وصلت للتكذيبات
قاطعني: بسبب هذه التكذيبات والردود المتبادلة بين أعضاء مجلس قيادة الثورة تعرضت لموقف مرعب لا أنساه في فيلا حسين الشافعي بشارع الثورة في الدقي، بعد أن طلب أن أزوره لأمر هام، عندما وصلت أحد العاملين في الفيلا اصطحبني إلي غرفة الصالون، لإ نتظاره. اثناء جلوسي لمحت حقيبة "سونسانيت" مفتوحة يظهر منها مسدس، سمعته يتكلم علي التليفون بصوت مرتفع مع شخص عرفت من الحوار أنه زكريا محي الدين
ـــ تمام حاضر.. لازم يخرس.
ثواني ودخل الحجرة يرتدي روب، جلس بجواري، وبطريقة كلام متحفزة بها نبرة أوامر وإستعلاء. أحنا خدنا قرار أنك لازم تتوقف عن نشر هذه الحوارات.. قاطعته: أنتم مين؟ رد: مجلس قيادة الثورة. ضحكت بصوت مرتفع لاثبت له أني غير خائف، خاصة أن نظراته كانت مصوبة نحو المسدس الموجود في الحقيبة: ولكن حسب علمي أن مجلس قيادة الثورة صدر قرار بجله عام 1956، وتركته وانصرفت بدون أن أطلب من الأذن بالإنصراف، الثواني التي تجاوزت فيها باب الفيلا مرت بمثابة دهرًا.
بمجرد أن لمحت الشارع أخذتها أجري، نفس الموقف ده تعرضت له مع الرئيس النميري عندما كان يعيش في مصر في قصر في "السكاكيني" بدأ الحوار بيننا الساعة 8 مساءًا وأنتهي في الصباح.. بعد الفجر فوجئت به يستدعي أحد مساعديه ويطلب منه أن يأخذ صحن كبير من المطبخ ويذهب إلي عربية الفول علي ناصية الشارع ليحضر لنا الفطار، في هذه الاثناء كان النميري يضع مسدسه أمامه، سألته بدون أن أدري عن شعور أبن البواب الذي أصبح رئيسًا للسودان؟ لا أستطيع أن أصف لك فترة الصمت التي سادت بيننا.. قبل أن يتكلم ونظراته لي.. وعيني التي لم تنزل عن المسدس.
قبل أن يسترسل في حكاياته قاطعته. بمناسبة النميري والسودان أعلم أن لك قصة في السودان؟ أبدي إعجابه أنني مذاكره جيدًا.. ورد: بطل هذه القصة في الحقيقة استاذي انيس منصور الذي كان رئيسًا لتحرير مجلة "وادي النيل" وكنت سكرتير تحريره. اثناء وجودنا في السودان. حدث إنقلاب البشير علي النميري. في هذه الاثناء كنت نائم مرهق من السفر.
بعد نزولي بهو الفندق وجدت أنيس منصور يجلس يشرب الشاي اخبرني بقصة الإنقلاب، لكن المفاجأة كانت إنه قام بإجراء حوار مع البشير ومجموعة الإنقلاب، ويستعد لإرسال المادة الصحفية للقاهرة. هو ده أنيس منصور معجون صحافة. وهو ده جزء من محمود فوزي الذي لا تعرفه ياصديقي الشاب.
التعليقات