بسبب حذف ثلاث فقرات من العامود الصحفي (بلاتوه) الذي كنت أقوم بنشره في جريدة (الحقيقة) التي كانت تصدر عن حزب الأحرار، تشاجرت مع رئيس التحرير أ. محمد عامر.. وتركت له الجريدة، وإنسحبت من العمل، في تصرف مراهق، تحكمه تهور البدايات!.. أخذت أتجول في منطقة وسط البلد.. حتى وجدت نفسي أمام العمارة التي بها دار النشر (سفنكس).. لصاحبها عصام إسماعيل فهمي الذي تربطني به صداقة، ليس لها أي علاقه بالعمل االصحفي.. استقبلني عصام فهمي وشقيقه سمير احسن إستقبال.. وأخذ يهدئ في.. كنت أشعر بالضياع.. خصوصًا إن في هذه المرحلة لم تكن هناك صحف على الساحة إلا صحف المعارضة.. وكان لي تجربتين من قبل في الأحرار .. والوفد، وكنت مقتنع بعدم قدرتي على الإنسجام في مناخ جريدتي (الشعب والأهالي).. رغم إن لي في الجريدتين أصدقاء وزملاء أتشرف بصداقتهم،في هذه الجلسة فوجئت بصديقي عصام اسماعيل فهمي يعرض علي وظيفة إدارية.. تخيلتها في دار النشر (سفنكس) أو شركة الإنتاج الفني (ساوند أوف أمريكا).. فوجئت به يكشف لي عن مشروع صحفي جديد لجريدة اسمها (الدستور).. كنت أول مرة أسمع عنها، وإنه تقدم بكل أوراقها للأجهزة السيادية.. وفي إنتظار الموافقة.. التي سيحصل عليها عن طريق الرقابة.. التابعة لوزارة الإعلام.. وظيفتي الجديدة، حسب كلامه، متابعة إصدار الرخصة.. في مقر الرقابة في عمارة (ايزيس) بمنطقة جاردن سيتي في مواجهة السفارة الأمريكية.. لمدة عام تقريبًا كنت أتردد على هذا المكتب يوم ويوم.. وأستاذ مصظفى الرقيب القديم.. المسؤل عن الملف.. في كل مرة ينظر لي بشفقة.. أن الرخصة لم تصدر.. أو يستقبلني بقائمة طلبات جديدة لإستكمال الملف، خاصة بعد أن إضطر عصام فهمي إلى إستبدال الكاتب عادل حمودة المرشح الأول لرئاسة تحرير الدستور.. بـ الكاتب إبراهيم عيسى، بسبب تراجع حمودة بعد أن إقترب من رئاسة تحرير (روزاليوسف)..وأصبح له تواجدًا إعلاميًا وصحفيًا على الساحة.. رغم إنه كان نائب رئيس تحرير روزاليوسف.. ولكن كان الجميع يتعامل معه إنه رئيس التحرير الحقيقي.. وأن الأستاذ محمود التهامي.. مجرد أسم على (الترويسة).. في إحدى الزيارات الروتينية للرقابة على الأقل من أجل الراتب الشهري الذي أتقاضاه.. فوجئت بالاستاذ مصطفى.. يترك مكتبه.. من أجل أن يستقبلني مخصوص ومعه في يده رخصة الجريدة.. من الفرحة نسيت أركب الأسانسير.. وخدتها جري من الطابق الخامس.. إلى مكتب عصام فهمي.. متجاوزًا سكرتيرة مكتبه.. وقيودها ثقيلة الظل.. لدرجة إنه شعر بالفزع من طريقة إقتحامي مكتبه بهذه الطريقة.. وضعت الرخصة على المكتب أمامه وجلست التقط أنفاسي من الجري.. شبه غائب عن الوعي.. كل ما أذكره.. إنه أجرى إتصالًا على التليفون الأرضي.. بـ أبراهيم عيسى ليبشره إن أخيرًا الرخصة .. رخصة (الدستور) أمامه على المكتب.. وحدد له موعدًا في المقر الأول للجريدة في شارع قصر النيل... وبدأت الحكاية.
للحديث بقية
التعليقات