ليست اللغة أكثر من وسيلة تواصل بين البشر؛ فإذا فهمتَ ما قصدتُ قوله، فذلك يعني أن لغتي صحيحة ومقبولة. ولكن، من قال إن اللغة وسيلة تواصل بين الأحياء فقط؟
عندما أراد الله سبحانه وتعالى إتمام تعليماته على الأرض بإنزال آخر كتبه السماوية، نظر إلى ثراء اللغات، وسعة قاموسها، ودقة معانيها، فاختار اللغة العربية لحمل معانيه وأوامره. وبهذا أصبحت اللغة العربية ملاذنا الأول في هذه الدنيا.
إذا استصعبنا أمرًا أو قضية نعاني منها في حياتنا، نلجأ إلى التاريخ؛ فهو المنصف الأمين دائمًا. تتكرر أحداثه، ليس خطأً، بل برهانًا على أن التاريخ يعيد نفسه، لتأكيد ضرورة التمسك به، وبالتالي التمسك باللغة المستخدمة في كتابته. تخيل أن تكون معك إجابات أسئلة الامتحان، ولا تستطيع قراءتها لأن لغتها معقدة عليك! وبهذا تكون اللغة العربية ملاذنا الأخير.
نحيا الآن فترة انهيار تتحرك من سيئ إلى أسوأ، ستنتهي بفناء اللغة العربية. فقدت اللغة مكانتها بوصفها أشرف اللغات بشهادة الخالق، وأصبح من ينطق بها نقيةً، خاليةً من أي تلقيح بلغة أجنبية، لا يُعد إنسانًا متعلمًا راقيًا من منظور النظرة الطبقية الحديثة.
تفقد اللغة العربية الكثير من ألفاظها كل يوم، ويحل محلها ألفاظ لا وقع لها، ولا معنى، ولا قيمة. حتى إذا صادفت كلمة غريبة في بيت شعر جاهلي، أو رواية جار عليها الزمن، أو كتاب تاريخ قديم، فمن المتوقع أن تسمع تبريرًا بأن تلك الكلمة لم تعد تُستخدم. ولكن لماذا لم تعد تُستخدم؟! من تركها؟! من اتخذ هذا القرار؟!
لم أعتد أن أترك مصيري في يد أحد، ولا تعتادوا أنتم أيضًا. عودوا إلى اللغة العربية. اسعوا في رحلة لإحيائها من جديد. استعينوا بمعلم اللغة الأول، وهو القرآن الكريم؛ احفظوه عن ظهر قلب، بقراءة سليمة واستيعاب تام لألفاظه ومعانيه، تنجوا في الدنيا والآخرة. استعينوا بكتب التراث في كل المجالات والفنون، بما في ذلك الشعر الجاهلي؛ تذوقوا كلماته وافهموا معانيها، لتكونوا جنودًا من جنود اللغة العربية على الأرض.
التعليقات