تعد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الإريترية (أسمرا) في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها، تلبية لدعوة من نظيره الإريتري أسياس أفورقي،ضمن سلسلة الجهود الدبلوماسية التي تقوم بها القاهرة لتعزيز علاقاتها مع الدول الأفريقية، وخاصة دول الجوار التي تشاركها الاهتمامات الأمنية.
ويأتي ذلك في ظل تصاعد التوتر بين الصومال وجارتها إثيوبيا، بينما تسعى مصر إلى تعزيز وجودها في منطقة القرن الأفريقي، خاصة مع تزايد النفوذ الإقليمي لإثيوبيا.
زيارة الرئيس السيسى إلى أريتريا للمشاركة في القمة الثلاثية التي جمعته برئيس إريتريا، أسياس أفورقي، رئيس جمهورية الصومال، حسن شيخ محمود، جاءت في إطار مواجهة التحديات المشتركة والبحث عن أطر التعاون البناء بين البلدان الثلاثة، في واحدة من أكثر المناطق ارتباطاً بالأمن القومي المصري والعربي وكذلك بالأمن والاستقرار العالمي.
وجاءت هذه الزيارة في إطار جهود تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وإريتريا، وبحث الأوضاع الإقليمية الراهنة في القرن الأفريقي والبحر الأحمر. وتشمل المباحثات سبل التعاون في المجالات الاقتصادية، والأمنية، والسياسية، بالإضافة إلى قضايا أخرى ذات اهتمام مشترك بين البلدين.
وتعكس هذه الزيارة رغبة القاهرة في تعزيز وجودها الإقليمي ودورها في تحقيق الاستقرار في المنطقة.
وتركز المناقشات على تعزيز التعاون في مجالات البنية التحتية والطاقة، إلى جانب مبادرات لدعم التنمية الاقتصادية في إريتريا، وهو ما يتماشى مع توجهات مصر لتعزيز علاقاتها مع دول القارة الأفريقية.
وتأتي هذه القمة في وقت حساس حيث تواجه منطقة القرن الأفريقي تحديات متنوعة، أبرزها التوترات المتزايدة بين الصومال وإثيوبيا، على خلفية توقيع إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم "أرض الصومال" الانفصالي، وهو ما أثار استياء مقديشو التي اعتبرت الخطوة اعتداء على سيادتها.
وكانت مقديشو قد عززت علاقاتها مع القاهرة بشكل ملحوظ منذ بداية العام الحالي، حيث وقعت مصر والصومال في أغسطس الماضي اتفاقية دفاع لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين.
وتسعى مصر إلى تعزيز وجودها في منطقة القرن الأفريقي التي تعد منطقة إستراتيجية حيوية لها، إذ إن مصر تولي أهمية كبيرة للأمن والاستقرار في البحر الأحمر، خاصة مع تزايد النفوذ الإقليمي لإثيوبيا والتهديدات المحتملة التي قد تنجم عن الصراع الدائر في المنطقة.
تسفر هذه الزيارة عن اتفاقيات ومبادرات مشتركة تهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول الثلاث في مختلف المجالات.
وزيارة الرئيس السيسى استراتيجية نوعية ومثمرة إلى أريتريا، وتعد واحدة من إحدى أهم الزيارات الخارجية التى تخاطب قضايا مرتبطة بالأمن القومى، كما جاءت فى توقيت تشهد فى منطقة القرن الإفريقي تحديات كبيرة تهدد الأمن والاستقرار الإقليمى.
إن منطقة القرن الأفريقى تشكل إطلالة على خطوط الملاحة التجارية الدولية وحركة الأساطيل العسكرية، وترتبط ارتباطا وثيقا بأمن واستقرار الخليج ومن ثم أمن الطاقة العالمي، وكذلك أمن منطقة البحر الأحمر شمالها وجنوبها.
زيارة الرئيس السيسي لأريتريا كانت شديدة الأهمية واستهدفت تسليط الضوء على التحديات بمنطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، وفي القلب منها المصالح المصرية والإريترية والصومالية، سواء كانت مصالح أمنية أو مصالح مرتبطة بخطط التنمية في تلك المنطقة، والتي يجب أن تقوم على أسس التعاون والفهم المتبادل لمصالح كل طرف دون تعدي أو تعريض أمنه القومي للخطر أو المساس بسيادته علي كامل أراضية.
وأهمية مواجهة التحديات بشكل جماعي في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر، و كذلك الاستفادة من القدرات التنموية المتبادلة بين دول وشعوب المنطقة، وسبل تحقيق ذلك وفقاً لقواعد القانون الدولي واحترام السيادة الوطنية وإعلاء المصالح المشتركة، وضرورة التصدي للمخططات والتحركات التي تستهدف زعزعة الاستقرار وتفكيك دول المنطقة.
وأهمية وضرورة الالتزام باحترام السيادة الوطنية، و التماسك الجغرافي والوحدة الترابية للدول ولشركاء الجوار في منطقة القرن الأفريقي، والتصدي الجماعي لتلك المخططات سيؤدي لدعم الاستقرار في المنطقة، مبرزا أن البحر الأحمر منطقة تزخر بالثروات والفرص الواعدة و أن الدول المتشاطئة على البحر الأحمر جنوبه وشماله، قادرة على تحقيق آفاق أوسع من خلال التعاون والتنسيق المشترك.
زيارة الرئيس السيسي لأريتريا حملت كذلك التأكيد على الأهمية البالغة التي توليها مصر للحفاظ على المؤسسات الوطنية في افريقيا ، في ليبيا و السودان و القرن الإفريقي ارتباطا بالصومال؛ فمؤسسات الدولة الوطنية والجيوش الوطنية هي وحدها الكفيلة بالحفاظ على السلامة الإقليمية للدول والدفاع عن امنها القومي ومصالح شعوبها التنموية .
التعليقات