هالة مضيئة أراها من بعيد حول كل ما هو غريب عني، مجال أو أناس. أرى مجال غيري صعب ومعقد وأراه هو متفرد ومختلف حتى تمكن من ذاك المجال. ولكن هل هذه هي الحقيقة؟
تمر الأيام وأقترب من كل هالة ضوئية بانبهار الفراشة ولا أبتعد حتى أحترق أتم الاحتراق. لم تكن دراسة المجالات الطبية بتلك الصعوبة التي كانت في خيالي، وكونك طبيبا لا يعني أنك الأعلم طوال الوقت، ولا يعطيك هذا فخرا لا ينتهي بل ينتهي.
يُقال أن الكتابة طريقة فعالة لتخفيف ضغوطات الحياة فالكاتب يكتب للناس والناس يكتبون لأنفسهم، ولكن الضغوطات لا تخف بتلك الدرجة المرجوة، أنت تشعر براحة مؤقتة بعدما أخرجت كم ضاغط من المشاعر على الورق ولكن كتأثير مسكن الألم، ستتزايد المشاعر وتخنقك من جديد وتسرع نحو المسكن، ولكل مسكن آثار جانبية بعيدة المدى وإن كان الكتابة.
رأيت الفنون كالسحر والفنانين كالسحرة، شعرت بالغيرة من هؤلاء القادرين على الصراخ والتعبير بكافة الطرق دون ملامة، ولكني لم أجد من محترفي الفنون فنانين سوى القليل، بل القليل جدا، هؤلاء الذي يمتلكون موهبة ربانية قصوى ويستمتعون بكل ما يفعلون، ويبهرون الناس من شدة صدقهم وإيمانهم بفنهم، بل وجدت الأغلب هم أناس ذهبوا للفنون من أجل رؤية أصابع المارة موجهة نحوهم في صراخ، فلا حاجة نفسية ولا عقلية لهم في الفنون.
أرى إنسانا يدرس ما كنت أتمنى دراسته أو يفعل ما كنت أتمنى فعله، فيصيبني انبهار الفراشة وأقترب بلا تفكير، لأجده إنسانا عاديا ليس زائدا أو خارقا عني حتى يمتلك أحلامي سوى أن ظروف حياته كانت مختلفة عني بشكل ما أي بترتيب من القدر.
مررت بكل هذا واحترقت مرة بعد مرة ولكني لا أستطيع أن أكف عن الانبهار بكل جديد وغريب عني، ولكن الآن أصبح الأمر يحدث مع اختلاف بسيط... أدرك الآن أن لا وجود لإنسان خارق للطبيعة ولا وجود لمجال له تأثير السحر على أصحابه، ولا وجود لتلك الهالة الضوئية إلا في عيني أنا وحدي، وأنني لست بفراشة.
فكل المجالات وكلنا كبشر... بل كل شيء في هذه الحياة يستحق الانبهار والإعجاب على حالته بطبيعته وحقيقته، بعيوبه ومميزاته. أصبحت أرى الدنيا بشكل أهدى وأرزن.... لقد اتزنت أيها المخادعون... هل كنتم هكذا منذ البداية؟!
لن أنبهر مرة ثانية إلا إذا وجدت من مر بمثل كل ظروف حياتي، ثم حقق أحلامي وفعل ما تمنيته وكنت أظن أن الحياة هي التي منعتني، سأمسك بهذا حتى أعرف منه الطريقة، ثم لن أترك نفسي للانبهار مرة أخرى.
والنتيجة النهائية أنك إذا كنت لا تزال في مرحلة الانبهار؛ انتظر مجيء لحظة اخمادها وأنت واقف في مكانك، وبعدها لك الاختيار.... فأنت الآن مؤهل لاختيار مجال دراستك ومجال هوايتك ومن تريدهم أن يكونوا أصدقاءك وكذلك شريك حياتك. فبعدما يزول الانبهار وتجد نفسك لا زلت منجذبا انجذاب الفراشة فاترك نفسك ولا حرج؛ فحتى وإن كان الاحتراق مصيرك بعد كل هذا فلا مفر منه إذا.
التعليقات