ولما كان هدفي في هذه الإطلالة مخاطبة الشباب العربي، الذي يبدأ وضع أقدامه في أرض الثقافة لعلم ويستمد قوته من حضارته العظيمة، وهدفي أيضًا مخاطبة الجماهير الأجنبية، غير العربية، ليعرفوا عن أدبنا العربي شيء جديد من خلال ترجمة المقالات بلغتهم الإنجليزية والصينية، فإن أول ما يتبادر إلى ذهن أي شخص منهم إذا سُئل عن اسم أديب عربي، سوف تكون إجابته "نجيب محفوظ" الحاصل على جائزة نوبل في الآداب عام 1988م، لكن إن سئلوا عن معلومات أكثر فلن تجد الإجابة الشافية، لذا دعونا في إطلالتنا هذه أن نتعرف سريعًا على الأديب العربي العالمي نجيب محفوظ، وفى إطلالات أخرى سوف نتعرف على غيره الكثير من أدباء العرب.
اسمه بالكامل هو: نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا، ونجيب محفوظ اسمه وحده، اسم مركب، ومولده كان في يوم 11 ديسمبر من عام 1911 وكانت وفاته يوم 29 أغسطس من عام 2006، ومن أهم أعماله الأدبية روايات (القاهرة الجديدة (1945)، خان الخليلي ، زقاق المدق ، السراب ، بداية ونهاية ، الثلاثية "بين القصرين- قصر الشوق – السكرية"، اللص والكلاب، السمان والخريف ، الطريق ، الشحاذ ، ثرثرة فوق النيل ، ميرامار ، أولاد حارتنا ، المرايا ، الحب تحت المطر ، الكرنك ، حكايات حارتنا ، قلب الليل ) وغيرها الكثير من الأعمال الروائية التي تحولت إلى أعمال فنيه ، ولنخصص جزء من حديثنا عن الكاتب الروائي العربي نجيب محفوظ عن أحد أهم أعماله ولتكن رواية "الحرافيش"، هي في البدء رواية أبدعها كاتبنا العالمي نجيب محفوظ عام 1977 لتلحق بقائمة أعماله الروائية العظيمة التي تحولت إلى مصدر لأهم الأعمال الدرامية "إذاعة، سينما، مسرح، تلفزيون"، وقد تنافس المبدعون لإعادة صياغتها كل في مجاله. دعونا نمر سريعًا على أحداث تلك الرواية وهى في مجملها ملحمة أدبية يأخذنا فيها الكاتب الكبير في رحلة طويلة عبر عشرة قصص لأجيال عائلة سكنت حارة مصرية غير محددة الزمان ولا المكان بدقة وإن كان لنا أن نتكهن بالزمان والمكان لقلنا إنها أحداث تمت مع بداية حكم محمد على لمصر، والمكان هو منطقة الحسين، ومنطقة الحسين ومصر القديمة هي المكان الملهم لنجيب محفوظ، فكان إغراقه في المحلية مصدر وصوله للعالمية. في هذه الرواية يصف لنا نجيب محفوظ سعى النفس البشرية الدائم إلى الخلاص وتمردها على نفسها التي أَلِفَت الواقع المرير، وكشف محفوظ تلك الروح الانهزامية ثم استخراج القوة الكامنة بداخلهم هو دعوة لانطلاق الإنسان الحالي إلى التمرد والخروج من الظلام إلى النور إلى التحرر، لكن الدنيا الدنية لها من الغواية ما يكسر قوة المتحرر فيقف في حالة من الشتات عند مفترق طرق، فهل يختار السير على خطى الصالحين أو الابتعاد عن تلك الطريق وإيثار الشهوات الداخلية؟ وأكثر ما يؤكد عليه كاتبنا أن الخنوع والذل الذي يصيب النفس بسبب اليأس من الخلاص لا محل له في الواقع، فالخلاص لن يأتي من الخارج لأن الخلاص الحقيقي هو النابع من الداخل أما الخلاص المسلط عليها من الخارج فهو زائف لن يؤتى أي ثمار. في هذه الملحمة يظهر تعاقب الأجيال على مدى قرنين من الزمان من خلال عشر قصص لطالما كانت نبعا لصناع الدراما المصرية سواء سينما أو مسرح أو إذاعة أو دراما تلفزيونية. والحديث عن الأديب العربي العالمي نجيب محفوظ يحتاج إلى مجلدات ودراسات كثيرة لكن إطلالتنا هدفها إلقاء الضوء فقط، وننتهي هنا على موعد وإطلالة جديدة في رحاب الأدب العربي.
التعليقات