مؤخرًا وفى حفل كبير سعدنا بحضوره في دار الأوبرا المصرية أطلق الدكتور عبد الله باشراحيل، الشاعر السعودي، جائزة أدبية كبرى تحمل اسم والده المرجوم محمد صالح باشراحيل في مختلف الفنون الأدبية، وذلك إبان توقيع مجموعة الأعمال الكاملة الصادرة عن دار منازل للنشر والتوزيع. والشاعر عبد الله باشراحيل له العديد من الدواوين الشعرية وعشرات، بل مئات القصائد، وهنا سوف نلقي نظرة على إحدى قصائده الرومانسية بالتحليل ثم نقرأ معًا القصيدة.
قصيدة "أنا والحب" تعبر عن عمق مشاعر الحب وتأثيرها على حياة الحبيب. تظهر في الأبيات مشاعر الشوق والوله، حيث يتحدث الشاعر عن حبيبته بطريقة شاعرية تلامس القلب.
الحب وتأثيره على مستقبل الحبيب
الشوق والحنين: الشاعر يعبر عن مشاعر الشوق التي تلازمه، مما يؤكد على ارتباطه العاطفي العميق. هذا الشوق قد يؤثر سلبًا على حياته اليومية، حيث يظل متأملًا في لحظاته مع الحبيبة.
الهجران والوجع: يتحدث عن الألم الناتج عن الفراق، وكيف أن غياب الحبيبة يترك أثرًا كبيرًا في روحه، مما يظهر تأثير الحب على صحته النفسية.
الذكريات والأمل: الذكريات الجميلة التي يحملها الشاعر عن الحب تعكس لحظات السعادة، لكنه يشعر بالحسرة لعدم استمرارها. هذه الذاكرة تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل مستقبله العاطفي، حيث يصبح الحنين إلى الماضي جزءًا من حياته.
القدر: يشير الشاعر إلى أن ما يحدث هو قدر لا مفر منه، مما يعكس شعورًا بالعجز تجاه السيطرة على مصيره. هذا الإحساس بالقدر يضيف عمقًا آخر لتجربته العاطفية ويجعل الحب جزءًا من مصيره.
الروح والفرح: رغم الألم، يعبر الشاعر عن لحظات الفرح التي جلبها الحب، مما يشير إلى أن الحب، رغم تحدياته، يبقى مصدرًا للسعادة.
تجسد هذه القصيدة الصراع الداخلي الذي يعيشه الحبيب بسبب الحب. تأثير الحب على مستقبل الحبيب يظهر من خلال الألم، الشوق، والذكريات، مما يجعل الحب قوة فاعلة في تشكيل مسار حياته.
تتميز قصيدة "أنا والحب" للدكتور عبد الله باشراحيل أيضا بجماليات لغوية وبلاغية تعبر عن تجربة الحب بعمق ووضوح. إليك تحليلًا موسعًا عن الجوانب الجمالية والبلاغية في القصيدة:
استخدام الألفاظ:
- اللغة الغنية: الشاعر يستخدم مفردات تعكس عمق المشاعر، مثل "جرَّعتني" و"أسهر"، مما يخلق إحساسًا بالحركة والوقت.
- التكرار: استخدام الكلمات مثل "ليت" و"يا" يضيف تكرارًا شاعريًا يعبّر عن الشوق والأمل، مما يعزز من وقع المشاعر على القارئ.
التشبيهات والاستعارات:
- التشبيه: الشاعر يشبه الحب بـ"كؤوس الصبر"، مما يوحي بأن الحب هو تجربة تتطلب التحمل والصبر.
- الاستعارة: مثل "غدوت بما أنهلتني ثملًا"، حيث يشير إلى تأثير الحب الذي يجعله يشعر بالسكر أو الفرح العميق، كأنه تحت تأثير الخمر.
الإيقاع والوزن:
- الإيقاع الموسيقي: القصيدة تتميز بإيقاع سلس، مما يجعل القراءة ممتعة. الوزن الشعري يساعد في نقل المشاعر بسلاسة.
- التوازن: هناك توازن بين الأبيات، حيث تتناوب مشاعر الشوق والألم مما يخلق تجربة شعرية متكاملة.
الصور الشعرية:
- الصور الحسية: تعبيرات مثل "أدركتُ عيني إلى عينيك" و"دموعي أجابت" تخلق صورًا حسية تجعل القارئ يشعر بالألم والفرح.
- الطبيعة: الشاعر يستخدم عناصر الطبيعة مثل "القمر" و"الربيع" لتجسيد مشاعر الحب، مما يضفي جمالاً وعمقًا على التجربة.
التناقضات:
- الحنين مقابل الفراق: الشاعر يتأمل في لحظات الحب الجميلة بينما يعاني من الفراق، مما يظهر التناقض بين السعادة والألم.
- الحب والقدر: يعبر عن شعور بالعجز أمام القدر، مما يضفي طابعًا مأساويًا على التجربة العاطفية.
تعد قصيدة "أنا والحب" نموذجًا رائعًا للجماليات اللغوية والبلاغية في الشعر العربي. استخدام الألفاظ الدقيقة والصور الشعرية المعبرة، بالإضافة إلى الإيقاع والتوازن، يجعل من هذه القصيدة تجربة شعرية مؤثرة تعكس عمق المشاعر الإنسانية المرتبطة بالحب.
والآن نقرأ معًا قصيدة "أنا والحبّ"، للشاعر عبد الله باشراحيل، وهى من ديوان "الهوى قدري"
يا أهْيَفَ القدِّ يا مَنْ حارَ إذ سُئلا
لِلهِ مَنْ قَدْ سَمَا بِالحُسْنِ واكْتَمَلا
جَرَّعْتَنِي من كُؤُوسِ الصَّبَّرِ أرْشِفُهَا
وأسْهَرُ اللَّيْلَ أشْكُو الشَّوْقَ والَوَجَلا
شَوارِدٌ فِيكَ أفْكارِي ، مُحَيَّرةٌ
تُحاوِرُ اليَأْسَ في عَيْنَيَّ والأمَلا
الرُّوْحُ يَفَتِنُها فيكَ الرِّضَا طَرَباً
والقلبُ يَشْكُو منَ الهِجْرانِ مَاحَصَلا
أعَافُ حُبِّي إذَا هانَتْ كَرَامَتُه
الحُبُّ بالعِزِّ يَسْمُو رَائِعاً جَذِلا
مِنْ خَمَرِ ثغرِكَ كمْ أنْهَلتَنِي قُبُلاً
حَتَّى غدَوْتُ بِمَا أنْهَلْتَّنِي ثَمِلا
تَغيبُ عنِّي المُنَى إَنْ غِبْتَ ياقمَرِي
فاسأل ، دُموعِي أجَابَتْ كلَّ مَنْ سَأَلا
ياليت عيْنِي إلَى عيْنَيْك مَا نَظَرتْ
وليْتَنِي لَمْ اَلامِسْ خدَّكَ الخجِلا
وليْتَ أَنِّي بِلاَ قلبِ يُلوِّعُنِي
يا مَن رَمَانِي بسَهُمٍ مِنْه وارْتَحَلا
أهيمُ واللَّيلةُ القمْرَاءُ تَسْأَلْنِي
مَن سَدَّ فِي وجهِكَ الأبواب والسُّبُلَا؟
لا ليْلَ إِلاّ إِلَى ذِكْرَاكَ يَحْمِلُني
طَيْفاً يمرٌّ على جنَّاتِها عَجَلًا
كانَ الهوى فِي ربيعِ العُمْرِ يُؤْنِسُنَا
سَقى الفؤادين من أَكوابِهِ عَسَلا
وكمْ حلفْنَا بِأنْ يَبْقى الهَوى أبداً
وأنْ يَظلَّ عَلَى الأَيَامِ مُتصلا
وَمَا عرفْتُ بِأنِّي فِي مقَابِرِه
دفنْت عُمْرِي . . وَلَاَ أنَّ الحَبيبَ سَلَا
وَمَا أردْتُ الشَّقَا لَكنَّهَ قَدَري!!
وَهَلْ يرُدُّ الفَتَى المَقْدُورَ إنْ نَزَلا؟
التعليقات