في لحظة امتزج فيها الإبداع بالكلمة، تحوّلت الأحرف إلى ألوان تنبض بالحياة، وتجلّت اللغة في لوحات تنطق بالمشاعر، هكذا اختارت الكاتبة الصحفية والفنانة التشكيلية المصرية سناء البيسي أن تروي حكاياتها هذه المرة، لا بالحبر، بل بالريشة.
نرصد في السطور التالية شهادات تلاميذها، الذين تربّوا على نُبل الكلمة وجمال الفكرة، حين اجتمعوا ليحتفوا بمعرضها التشكيلي الأول، حيث أصبح للكلمة شكل وللصورة معنى آخر.

تقول الكاتب الصحفية سهام ذهني، عن سناء البيسي "ذات الرداء الأسود": "غمرت سناء البيسي لوحاتها بفيض من الألوان الجذابة، واحتفظت هي باللون الأسود، ارتدته فستانا فضفاضا خلال افتتاح معرض لوحاتها الفنية في قاعة بيكاسو بالتجمع."
وأضافت: "الألوان في لوحاتها تكاد تمتلك القدرة على الخروج من الإطار ثم التجول فوق الجدران معلنة أن التفاصيل الغنية التي رصعتها بها ريشة سناء البيسي تريد أن تنافس التفاصيل الثرية التي تفيض من بين سطور كتاباتها."

وتابعت: "تنافس دأبها المشهود على كل تفاصيل مجلة نصف الدنيا الرائعة التي كان لي الشرف في نشر مقالات لي بالصفحة الأخيرة فيها، وأشهد أن الأستاذة الكبيرة سناء البيسي هي واحدة من أفضل من تعاملت معهم في عالم الصحافة."
أما الكاتبة سالي وفائي، فرصدت لحظة افتتاح معرض سناء البيسي، وكتبت: "فى المعرض الاستيعادي لأستاذة الأجيال الكاتبة الصحفية والروائية والفنانة التشكيلية سناء البيسي والتى فاجأتنى كما هى دائما بطاقة كبيرة للإبداع فى مجالات عديدة سواء فى كتابة المقالات الممتعة المليئة بالتفاصيل كذلك رواياتها ولوحاتها الفنية المليئة بالإبداع والتفاصيل الصغيرة المختلفة والمعبرة جدا مع اختيار متنوع للألوان المبهجة وهى نفس الطاقة التى كانت تقود بها رئاسة تحرير أول إصدار فى تاريخ جريدة الأهرام العريقة وأجمل مجلة للمرأة مجلة نصف الدنيا التي أسستها."

وبكلمات رقيقة عبر الكاتب الصحفي محمد منير، عن امتناه الكبير لأستاذته الكاتبة والفنانة الكبيرة سناء البيسي، حيث روى شهادته في حق معلمة الأجيال، قائلا: "حين تُصبح الكلمة لوحة، وتنبض اللوحة بالكلمات.. كنتُ يومًا مجرد تلميذ، أسترق دهشة الحروف من مقالاتها، وأبحث عن ظلي في عبارات كانت تشبهنا. تعلمت على يدها أن الكلمة ليست مجرد حبر على ورق، بل كائن حيّ…يتنفس، يتألم، ويرقص إذا اقتضى المعنى."
وأضاف: "لكنني حين شاهدت لوحات معرضها الأخير "إبداع الكلمة وتوهّج الرسم"، أدركت كم كنت أجهل نصف الحكاية.. الحكاية التي لا تُروى بالكلمات وحدها، بل بالظل والضوء، باللون حين يتمرد على المعنى، وبالخط حين ينطق بما تعجز عنه العبارة. هناك، في كل لوحة، وجدت بُعدًا خفيًا لما كانت تكتبه دائمًا، وكأن الريشة كانت تواصل ما بدأه القلم.. لا لتكرره، بل لتكمله، وتُعيد صياغته بلغة الروح."

يقول محمد منير: "تعلمت من أستاذتي سناء البيسي، أن أكتب بقلبي قبل قلمي، واليوم تُبهرنا كما عهدناها، ولكن كفنانة تملك ريشة بقدر ما تملك بصيرة. لم تكن لوحاتها مجرد ألوانٍ مرصوفة على "توال"، بل كلماتٍ صامتة تنبض في العيون، تسرد سيرتها الذاتية دون أن تتكلم، وتعيد كتابة الوجدان بلغة اللون."
وعن براعة سناء البيسي في الرسم كما الكتابة، أكد "منير"، أنها في كل لوحة، كانت تكتب دون أن تمسك قلمًا، وترسم دون أن تتخلى عن لغتها الأولى: الكلمة، برعت في أن تحول كلماتها إلى لوحات.. لا تكتفي بالمعنى، بل تُلبسه ظلًا، ونورًا، وتفاصيل دقيقة لا يلتقطها إلا من قرأ الحياة بعين ناقدة وقلب شاعر. برعت أكثر في أن تحول لوحاتها إلى كلمات.. تقف أمام لوحة لها فتسمع صدى المقال، وتشعر بأن اللون هنا لم يُخلق ليُبهج فقط، بل ليوقظ ويشهد ويعبر".

وتابع: "أستاذتي سناء البيسي من ذلك النوع من الكُتاب الذين لا يكتبون ليقال عنهم إنهم كتبوا، بل ليُقال: لقد فهمنا الحياة قليلًا أكثر بعد أن قرأنا لهم، واليوم، وقد رسمت لنا ما كانت تقول، وكتبت لنا ما لم تكن اللوحة تقوله، أكتشف أنني ما زلت تلميذًا، وما زالت هي تُعلّمني – ولكن هذه المرة، من خلال الضوء، والظل، وانعكاس الروح على قماشٍ ناعم."
ووجه الكاتب الصحفي محمد منير، رسالة شكر إلى أستاذته سناء البيسي، مضيفا: "لأنك ما زلتِ تُعلّميننا كيف نحب الحياة أكثر، حين نكتبها… وحين نرسمها... وفي زمنٍ يتكاثر فيه الضجيج وتقل فيه الدهشة، تظل أستاذتي سناء البيسي صوتًا نقيًا يكتب بالصمت ويرسم بالكلمات".

وختم محمد منير كلماته عن الكاتبة والفنانة سناء البيسي، قائلا: "منكِ تعلّمنا أن الحرف مسؤولية، وأن اللون موقف، وأن الفن حين يخرج من القلب لا يُنسى.. ستظلين مرآة نتعلّم منها، ونورًا نمشي في أثره، ومعلّمة تُثبت لنا كل يوم أن الجمال لا يُدرَّس.. بل يُعاش.. تلميذك، محمد منير".
اٌفتتح معرض سناء البيسي 19 أبريل بحضور عدد كبير من الشخصيات العامة، ويستمر حتى 8 مايو 2025، في فيلا 39، النرجس، شارع التسعين الجنوبي، التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، ويضم 85 لوحة فنية تشكيلية من أعمال سناء البيسي.

التعليقات