إن خالد جلال بحق هو البوابة العظمى لتسويق المواهب فى عالم الدراما والسينما.
لا تخلو جعبة الساحر خالد جلال من عجائبه المبهرة، هذا لأنه مركز الإبداع الفنى ومنبعه الأساسى، فإذا كان المسرح هو أبو الفنون، كما يقال، فإن خالد جلال هو أبو المسرح الحديث وليس بالضرورة أن يكون هناك مسرح يحمل اسمه مثل مسرح الريحانى وغيره؛ لأنه نجح بالفعل والعزيمة والإصرار فى حفر اسمه بحروف من نور أضاءت مسارح كثيرة داخل القاهرة وخارجها وامتدت إلى بعد الحدود الإقليمية، يأتى لها جمهور عظيم من مختلف الأعمار ليصفق إعجابًا واعتزازًا بفن هذا الرائع الخالد المجلجل بالإبداع، ولأن نجاحه متميز ومتواصل ومتجدد أطلقوا عليه مسميات شتى كلها يستحقها عن جدارة، قالوا عنه «الجواهرجى» الذى يستخرج الثمين والنفيس من المواهب الشابة ولقبوه بـ«صانع النجوم» لأنه شريك رئيسى فى بداياتهم البراقة، فهو الذى قدم لنا أجيالا من المبدعين أمثال فراج وسلام وتايسون وبيومى فؤاد وفهيم وأمير وثروت وحمزة العيلى والليثى وإسلام إبراهيم ومعظم نجوم مسرح مصر وغيرهم، والمدهش فى خلطة خالد جلال أن فنونه الإبداعية ليس لها حدود من الألفية حتى وقتنا هذا، وهو متدفق من باكورة أيقوناته (قهوة سادة) مرورًا بـ (سلم نفسك) و(بعد الليل) و(سينما مصر).
وأخيرًا، ينافس نفسه بنفسه من خلال تقديم ثلاثة عروض مبهجة فى موسم واحد لأول مرة، وتحت قيادته أكثر من ١٢٠ بطلا وبطلة من اكتشافاته الحديثة، لديهم حضور قوى، وعندهم شغف كبير يزينون تلك العروض، التى أولها أيقونته الجديدة مسرحية (حاجة تخوف) التى كتبت عنها مقالا سابقا وتتحدث عن مخاوف النفس البشرية ورائعته الفذة مسرحية (سكرولينج) التى تتحدث عن الحرام وأنواعه، ثم مولودته الشيقة مسرحية (حواديت) التى تطرح حكايات إنسانية مؤثرة، ولا يكتفى بهذا بل إنه يحذف مشاهد قديمة ويضيف أخرى جديدة – كل فترة – لكل عرض على حدة حتى يجدد دماء المشاهدة والتفاعل، وأنا هنا بصدد الحديث عن مسرحية (حواديت) حيث يبدأ العرض بتعريف الأبطال لأنفسهم وهم جالسون فى نصف دائرة على مستويات متدرجة يقدمون حكاياتهم بسلاسة وإتقان فنخرج من حدوتة مليئة بالضحك إلى أخرى، بطلها بحر عازف الناى الذى ينتظر عودة حبيبته نعمة الغارقة فى مياه النهر، وحدوتة العروسة الماريونت الواقعة تحت سيطرة وقهر لاعبها، وحدوتة الزوجة التى تلد فى ليلة سرقة منزلها وتوبة اللصوص وشخصية الشاب المتشائم المقبل على الانتحار ويفصل بينه وبينه الإقدام على الفعل خمس دقائق، وحدوتة الرجل المفتقد للونس ولمة العيلة، وحدوتة الفنان الملتزم بالفن الأصيل رغم الإغراءات الكثيرة حوله وعلى نقيضه شخصية المخرج الخانع أمام أموال المنتجة، وحدوتة العروسة التى تقامر بها أمها فى مزاد علنى لمن يدفع أكثر وغيرها من شخصيات متنوعة قُدمت فى نسيج متناغم من الحكى وقد أعطى خالد جلال لكل موهبة فرصة لتفريغ طاقاتها الأدائية لترسم بصمة وعلامة فارقة، فكل التحية لطاقة هؤلاء الموهوبين ياسمين عمر وصلاح الدالى ونادين خالد وأحمد شرف وإسراء حامد وأحمد شاهين وطارق الشريف وهند حسام وأحمد الشرقاوى وأمينة النجار وأحمد هانى وياسمين سراج ومحمد عادل ويوسف مصطفى ومحمد صلاح وعمر حمدى وحسام سعيد ونيفين رفعت ومى حسين وشهاب العشرى وغفران الشاعر وشيرى عادل وآية ماجد ورنا عطوفة وندى فاضل وعائشة عطية ومى عبداللطيف ومحمد سعدون وأحمد أمين ومريم عاطف ومحمد وليد وسالى رشاد وسيف أمين وإيمان صلاح وأحمد عمرو وراندا ثروت وفتحى محمود وأحمد الباشا، وشكرًا لخالد جلال على صياغته الإخراجية المصنوعة بحرفية فائقة وللمخرجة المنفذة المبدعة علا فهمى ولمصمم الديكور محمد الغرباوى الذى أمتعنا بالصورة البصرية والإعداد المتميز فى الموسيقى لأحمد الشرقاوى ورنا عطوفة، وشكرًا لكاتب أغنية النهاية شهاب العشرى.. إن خالد جلال بحق هو البوابة العظمى لتسويق المواهب فى عالم الدراما والسينما.
التعليقات