يحكم العلاقات المصرية والجزائرية إرث تاريخي من الدعم والمساندة المتبادلة، فقد ساندت مصر الجزائر في ثورتها العظيمة للتحرر من الاستعمار الفرنسي عام 1954، وقد تعرضت مصر لعدوان ثلاثي، فرنسي إسرائيلي بريطاني، عام 1956 بسبب موقفها المساند لثورته. ولم ينس الشعب الجزائري أبدًا أن مساندة مصر لثورته قد تواصلت بعد العدوان إلى أن حصل على استقلاله الذي دفع فيه ثمنا باهظا من دماء أبنائه تجاوز المليون شهيد، وكانت الجزائر ثانى دولة من حيث الدعم خلال حرب 1973 فشاركت على الجبهة المصرية .
وترتبط مصر والجزائر بمساحة كبيرة جدا من المصالح المشتركة، على كافة الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وشهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تحسنا كبيرا بعد ثورة 30 يونيو بفضل اشتراك مصر والجزائر في منظور سياسي واحد وتطابق الرؤي بين البلدين في ملفات المنطقة..
وكانت الجزائر هى أول دولة يزورها الرئيس عبد الفتاح السيسى، منذ أن جاء إلى الحكم منتخبا، في يونيو 2014 الأمر الذي أدى إلى حدوث تطور إيجابي كبير في علاقات البلدين.
نقاط التشابه بين مصر والجزائر كبيرة تتجاوز إرثا تاريخيا لا يمكن نكرانه، بل تمتد إلى استشراف مستقبل يكون فيه مصير الدولتين مشتركا، فتجربة الجزائر فى مكافحة الإرهاب فريدة ومتنوعة والملف الليبى بحاجة إلى جهود الدولتين مصر والجزائر ، والعلاقات السياسية المتميزة بين البلدين تعطى إطارا متميزا لتطوير العلاقات في مختلف المجالات الأخرى في ظل الظروف الحالية، التي تمر بها الأمة العربية وما تشهده الساحة الأفريقية أيضا من تطورات.
وفي إطار التشاور المستمر يحرص البلدان على دفع مسار العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك لمواجهة التحديات التى تواجهها المنطقة، ومتابعة كافة قضايا الأمة العربية والتطورات الجارية على الساحتين العربية والأفريقية، وفى مقدمتها القضية الفلسطينية والوضع في العراق وسوريا واليمن ، والعمل على تحقيق الاستقرار السياسي في الدائرة العربية والإسلامية والأفريقية.
وعمق علاقات الأخوة والتعاون التي تجمع بين مصر والجزائر، وأهمية العمل على تعزيزها وتنميتها في مختلف المجالات بما يساهم في تحقيق مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين والأمة العربية.
شهدت العلاقات الاقتصادية بين مصر والجزائر تطوراً كبيراً ويعد الغاز السائل بأنواعه من أهم الواردات الجزائرية لمصر وتأتي الجزائر فى المرتبة ال 50 من حيث الدول الأجنبية المستثمرة فى مصر
تبلغ حجم عدد الشركات الجزائرية العاملة فى مصر ما يقارب 60 شركة براس مال مصدر 112 مليون دولار فيما تبلغ نسبة مساهمة الجنسية الجزائرية نحو 51 مليون دولار، وتتنوع الأنشطة الاقتصادية للشركات الجزائرية العاملة فى مصر بين قطاعات صناعية وخدمية وزراعية وتكنولوجيا المعلومات.
في يناير 2022 خلال زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لمصر اتفق الطرفان على إعادة تفعيل اللجنة المشتركة العليا بين البلدين، وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري بينهما، وتفعيل آليات التشاور والتنسيق بينهما على كافة المستويات، ومواصلة العمل على تطوير علاقات التعاون الاقتصادي بين البلدين وزيادة معدلات التبادل التجاري، وتعزيز الشراكات وتبادل الخبرات في مختلف المجالات بما يدعم جهود الدولتين في تحقيق التنمية والرخاء، وزيادة معدلات التبادل التجاري، وتحسين أداء الاقتصاد.
يوجد 25 مشروعا مصريا بالجزائر في قطاعات البتروكيميائيات والاتصال والكابلات الكهربائية والإنشاءات والأشغال العمومية والخدمات والزراعة، مثمنا مكاسب هذه المشاريع المنتجة والتي تجسد قاعدة رابح - رابح.
هناك دور كبير ملقى على عاتق مجلس الأعمال المصري- الجزائري لفتح الأسواق وتنفيذ مشروعات مشتركة في كل المجالات»، التعاون بين البلدين في مجال الطاقة يعد ضمن الأولويات الرئيسية في الفترة القليلة القادمة، وكانت الجزائر تعهدت برفع صادراتها إلى مصر من البوتاجاز بنسبة 50% ليبلغ 1.5 مليون طن سنويا.
طالب اتحاد الغرف التجارية المصرية، بضرورة الإسراع في إنشاء خط ملاحي مباشر يربط بين مصر والجزائر، بهدف خفض تكاليف الشحن وتنمية الصادرات الجزائرية عبر محور قناة السويس الذي يعتبر مركزاً لوجيستياً للدول العربية وشرق أفريقيا وآسيا... كما يقترح انضمام الجزائر إلى اتفاقية "أغادير" الاقتصادية مع كل من تونس والمغرب والأردن، بهدف تحقيق التكامل الصناعي وتنمية الصادرات لأسواق جديدة.
في مارس 2022 تم تشكيل مجلس رجال الأعمال المصري- الجزائري في إطار الحرص على تعزيز حركة التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة والتعاون الصناعي بين البلدين خلال المرحلة المقبلة، خاصة في ظل العلاقات المتميزة التي تربط حكومتي وشعبي البلدين، حيث تضمن التشكيل الجديد عددا من الكفاءات والخبرات في القطاعات التي تمثل الركيزة الأساسية للتعاون الاقتصادي والتجاري المشترك بين مصر والجزائر.
ومصر تولي اهتماما كبيرا بمجال المؤسسات المصغرة والناشئة واقتصاد المعرفة . واهتمام مصر بهذا المجال يندرج ضمن الرؤية السياسية الرامية إلى منح الفرصة للشباب للمشاركة في التنمية الاقتصادية وتشجيعهم على الابتكار وتطلع الشركات الناشئة المصرية للمشاركة بقوة في الملتقى الجزائري الدولي حول المؤسسات الناشئة.
هناك إرادة سياسية للتعاون بين البلدين، عن وجود فاعلين اقتصاديين لديهم القدرة على تنفيذ هذه الإرادة ميدانيا ؛وفتح آفاق جديدة للتعاون مع الجانب الجزائري في جميع المجالات وعلى رأسها تعزيز التعاون المشترك في مجال الصناعة في القطاعات ذات الأولوية للجانبين مثل: الصناعات الغذائية، وصناعات الجلود والأحذية، وصناعة النسيج، والأخشاب، وقطع الغيار.
وحرص الجانب المصري على تفعيل دور مجلس الأعمال المصري الجزائري بعد تشكيله الجديد، بما يسهم في إعطاء دفعة لمسار العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين، وتعزيز أواصر التعاون الاقتصادي والتجاري المشترك، وفتح آفاق جديدة للتعاون في مختلف المجالات.
والتأكيد على استعداد مصر للتعاون مع دولة الجزائر الشقيقة في كافة القطاعات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، خاصة في ظل إعلان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عام 2022 عام الاقتصاد في الجزائر، من خلال توافق الرؤى بين مسئولى الحكومتين لتوسيع أطر التعاون الاقتصادي المشترك خلال المرحلة المقبلة.
وأهمية تعزيز الجهود المشتركة لتفعيل دور مجلس الأعمال المصري الجزائري في تنمية وتطوير علاقات التعاون الاقتصادي المشترك بين البلدين وإمكانية نقل الخبرات المصرية للجزائر في مجالات إنشاء وترفيق وتشغيل المجمعات الصناعية.
وهناك تكليفات رئاسية من الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتنمية التعاون مع الأشقاء في بلدنا الثاني الجزائر في مجالات النقل متعدد الوسـائط، وربط شـــبكات الكهرباء والبترول والغاز، ومشاريع الطاقة، والسعي لتكامل الموارد، وبالأخص في مدخلات الصــناعة ومستلزمات الإنتاج وتصنيعها المشترك، وتشجيع الاسـتثمارات والتعاون الاقتصادي لعمق العلاقات المصرية الجزائرية وامتدادها عبر التاريخ المشترك
إضافة إلى عدة محاور لتنمية العلاقات الاقتصادية المشتركة يتركز أهمها في "الإعمار" ونقل تجربة مصر فى الخطط العاجلة للنهوض بالبنية التحتية من كهرباء وطرق وموانئ ومياه وشصرف صحي، وإنشاء الجيل الرابع من المدن الجديدة والمناطق الصناعية، والمشروعات الكبرى مثل محور قناة السويس بموانئه المحورية واستصلاح مليون ونصف فدان، ومزارع سمكية عملاقة وغيرها،
والمحور الثاني هو "التعاون الثلاثي" من خلال تكامل المراكز الصناعية واللوجستية ، بخبرات ومستلزمات إنتاج مشتركة، لنصنع سويا للاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة ،
والمحور الثالث هو تنمية الاستثمارات المشتركة والتبادل التجاري، ليس فقط في السلع تامة الصنع، ولكن في مستلزمات الإنتاج، خاصة في ضوء تعطل سلاسل الإمداد العالمية بالإضافة إلى اسـتثمارات صناعية وخدمية جديدة.
وتعميق التعاون بين غرف التجارة والصناعة في البلدين، لما لهذه الآليات من أدوار مؤثرة وهيكلية في تشجيع حركة الاستثمارات البينية والاستفادة من الفرص التجارية والاقتصادية المتاحة في البلدين.
ودفع علاقات التعاون الثنائية في مختلف المجالات استغلالا للإمكانيات الاقتصادية الكبيرة التي تتملكها مصر والجزائر، وحرص القيادة السياسية في البلدين على تذليل أية معوقات قد تحول دون تحقيق التكامل الاقتصادي على كافة المستويات.
وحرص قادة البلدين على دفع العلاقات للمضي قدما لتنعكس على الجهود التنموية المبذولة في البلدين، مؤكدًا على متانة العلاقات بين البلدين الشقيقين، وضرورة الوقوف على احتياجات السوقين الجزائري والمصري من المنتجات المختلفة.
خاصة أن مصر بها سلع كثيرة يمكن تصديرها إلى السوق الجزائري، ولكن بعد معرفة المنتجات التي يتم توريدها إليه من الدول المختلفة، مع الاستفادة من الاتفاقيات المشتركة في تنمية العلاقات التجارية المصرية الجزائرية.
وإمكانية التعاون والتكامل بين مصر والجزائر في مجالات عديدة منها الطاقة المتجددة، حيث إن مصر تنفذ مشروع "بنبان" بمحافظة أسوان، وهو تجمع لعدد من محطات الطاقة الشمسية في مكان واحد، وهي المحطة التي تعد الأولى في العالم في هذا المجال.
وترحيب الجزائر بعمل الشركات المصرية المهتمة بالاستثمار في مجال الطاقة والكهرباء والمناجم بالجزائر.
كما تم الاتفاق على تفعيل انشاء الشركة المصرية الجزائرية المشتركة للبحث والاستكشاف وانتاج الزيت الخام والغاز بالبلدين، ومواصلة المحادثات في مجال تكرير خام (صحراء) الجزائري بمعامل التكرير المصرية.
ويشترك البلدان في اتفاقية التجارة الحرة العربية والتي تهدف لتنمية وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول العربية والتي تشمل في عضويتها أكثر من 17 دولة والتي تم التصديق عليها عام 1998.
التعليقات