عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- دخلَ على أعرابيٍّ يَعُودُه، وكان إذا دَخَلَ على مَن يَعودُه، قال: «لا بأس؛ طَهُور إن شاء الله».
يعني: لا شدة عليك ولا أذى، وأن يكون مرضك هذا مطهرا ًلذنبك، مكفر لعيبك، وأيضًا سبباً لرفع الدرجات في الأخرة.
في قاموس اللغة العربية:
البَأْس: العَذابُ الشَّديد وهو الشدة.
وتأتى كلمة لا بأس بمعنى لا خوف عليك.
فاذا كان المرض الملموس ماح للذنب. فما بال الألم النفسي؟!
يعرف الألم النفسي بأنه شعور سلبي ناتج عن تجربة سيئة وهو غير مرتبط بأي سبب فيزيائي، إذ قد ينتج بسبب الخذلان من الآخرين، الشعور بالندم، الفقد، الخسارة.
جميعنا يمر بحالة نفسية سيئة من وقت لأخر. فهي تجربة إنسانية يتخطاها البعض وتمر عليه مرور الكرام والبعض تتفاقم بداخله حتى تتحول لمرض نفسي يصعب الشفاء منه دون مساعدة.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِن نَصَبٍ ولَا وصَبٍ، ولَا هَمٍّ ولَا حُزْنٍ ولَا أذًى ولَا غَمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا مِن خَطَايَاهُ).
الانسان مأجور على كل ألم يصيبه حتى الألم النفسي بشرط القبول والرضا بقضاء الله والصبر على المصاب وأدراك ان أمر الله كله خير حتى وان بدا عكس ذلك. فقد يبدو ظاهر الأمر شر وهو بحكمة من الله يحمل في باطنه الخير. يقول الرسول الكريم: «عجبًا لأمرِ المؤمنِ إنَّ أمرَه كلَّهُ له خيرٌ وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمنِ إن أصابتْهُ سرَّاءُ شكر وكان خيرًا لهُ وإن أصابتْهُ ضرَّاءُ صبرَ فكان خيرًا له» (مسلم).
اذن هو صحيح ابتلاء من الله، لكنه فضل على الانسان من خالقه عز وجل ومحبة منه. فعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاَءً؟ قَالَ: «الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا؛ اشْتَدَّ بَلاَؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ؛ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاَءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ» صحيح - رواه الترمذي وابن ماجه.
فلنأخذ الجانب الإيجابي ونجعل هذه التجربة الإنسانية وسيلة لاكتشاف الذات واكتشاف الأخرين ممن حولنا. فلتكن سبب للتغير نحو الأفضل.
فلا بأس بالشعور بالألم.
لا بأس في العزلة لبعض الوقت.
لا بأس للجوء للأصدقاء الحقيقيين.
لا بأس للجوء الى متخصص إذا لزم الأمر.
لا بأس من التعثر بعض الوقت.
لا بأس.
التعليقات