هي: أسماء بنت خمارويه بن أحمد بن طولون.
ترجع شهرتها إلى زواجها من الخليفة العباسي (المعتضد بالله)، الذي اعتبره التاريخ زواجا سياسيا وما أحاط هذه الزيجة من مظاهر احتفال مبالغ بها، فجاء حفل زفافها حفل أسطوري قيل إنه تسبب في إفلاس خزائن مصر.
خمارويه والدها هو: أبو الجيوش أحمد بن طولون، ورث حكم مصر بعد موت أبيه أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية، والذي أورثه ميراثا كبيرا ودولة قوية مترامية الأطراف. مما جعل الخلافة العباسية تنظر إلى الدولة المصرية الطولونية بعين الحذر.
فلما كانت عيون الخليفة العباسي (الموفق) تنقل له أخبار قوة مصر وقوة حاكمها وثروة مصر الباهظة وقتها مع اكتفاء خمارويه بإرسال ثلث الجزية التي كان يرسلها أبيه للخليفة مما أثار الخلاف بين الموفق وخمارويه.
حرض (المعتضد) أبيه الخليفة على إرساله على رأس جيش لمحاربة خمارويه ونزع ملكه. رفض (الموفق) خوفا من جيش مصر وقوته والقدرة على امداده بالعدة التي لا تقدر الخلافة العباسية على مجابهتها.
بعد موت (الموفق) ورث (المعتضد) الخلافة وقرر تنفيذ خطته. علم حاكم مصر بنية المعتضد فأرسل في طلب قائد جيشه (أبا عبد الله بن سعد) ليوكل إليه قيادة جيش يخرج لملاقاة جيش الخليفة العباسي حاملا عرض بمضاعفة الخراج دون حرب وإذا رفض فلا بديل عن الحرب.
انتهز القائد الفرصة وطلب يد (قطر الندى) من ابيها الذي بدا عليه عدم مباركة الأمر قائلا (إذا عدت بالنصر سننظر في أمر الزيجة) ففهم أنه يسوفه ليبلغه برفضه بعد الحرب.
خرج أبا عبد الله إلى العراق مقابلا المعتضد الذي نجح في استمالته وضم جيشه إلى جيش الخليفة.
بلغ خمارويه خبر خيانة قائد جيوشه وزحف جيش التحالف إلى مصر. فقرر الخروج بنفسه على رأس جيش مهيب للتصدي لهم قبل وصولهم.
وكما ذكر (المقريزي) كان أبو الجيوش قائدا قويا حقق انتصارات عظيمة كالتي حققها والده فجاءت هزيمة المعتضد ساحقة، ووقعت جيوشه كلها في الأسر.
ولما اتسم خمارويه بحسن الخلق فما كان منه إلا أن أمر بأن يتم التعامل مع الخليفة بما يليق بمكانته كأمير للمؤمنين، ثم وعده بمضاعفة خراج مصر، بل وعده أيضا بمصاهرته وتزويجه ابنته قطر الندى، فكان ذلك العرس الأسطوري الذي ذكرته كتب التاريخ!
جهزت العروس بمئات الصناديق من أفخر الملابس واثمن المصوغات المرصعة بأنفس الأحجار الكريمة.
قافلة العرس كانت من الذهب الخالص، أربع أعمدة من الذهب عليها قبة من ذهب مشبك، في كل عين من التشبيك قرط معلق فيه حبة من الجواهر لا تعرف لها قيمة، دكة من الذهب تضع عليها قدمها، مائة هاون من الذهب يدق فيها العود والطيب وألف مبخرة من الذهب.
سار موكب العروس من القاهرة لبغداد وأمر خمارويه أن يبني لابنته قطر الندى على رأس كل مرحلة من مراحل الطريق الطويل قصرا تنزل فيه كقصرها في القاهرة به كل وسائل الترف حتى لا تشعر بمشقة السفر.
وصل موكب العروس إلى بغداد ليلا بين آلاف الشموع والمشاعل لتري بغداد احتفالات أخرى لم تر مثلها على امتداد تاريخها.
عرس سياسي تاريخي خلد به اسم العروس قطر الندى.
التعليقات