تأتي قضية تغير المناخ على رأس التحديات التي تواجه العالم حاليا، بعدما ثبت بالدليل العلمي أن النشاط الإنساني منذ الثورة الصناعية ولا يزال، في أضرار جسيمة تعاني منها كل الدول والمجتمعات وقطاعات النشاط الاقتصادي، مما يستلزم تحركا جماعيا عاجلا نحو خفض الانبعاثات المسببة لتغير المناخ مع العمل بالتوازي على التكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ.
لذلك وضعت مصر قضية تغير المناخ ؛في مقدمة جهودها نظرا لموقعها في قلب أكثر مناطق العالم تأثرًا بتغير المناخ. فرغم أن القارة الأفريقية هي تاريخيا الأقل إسهاما في إجمالي الانبعاثات الكربونية العالمية
ومن آثار تغير المناخ تزايد وتيرة وحدة الظواهر المناخية المتطرفة، وارتفاع منسوب البحر، والتصحر، وفقدان التنوع البيولوجي، مع ما تمثله هذه الظواهر من تهديد لسبل عيش الإنسان ونشاطه الاقتصادي وأمنه المائي والغذائي؛ وقدرته على تحقيق أهدافه التنموية المشروعة والقضاء على الفقر.
وحرصت مصر على مدى السنوات الماضية على الانخراط بقوة ولعب دور مؤثر في توجيه أجندة العمل الجماعي الدولي في هذا الخصوص، حيث ترأس الرئيس عبد الفتاح السيسي لجنة الرؤساء الأفارقة المعنيين بتغير المناخ عامي 2015 و2016
وأطلق فى ذلك الوقت مبادرتين أفريقيتين على قدر كبير من الأهمية تعني أولاهما بالطاقة المتجددة في أفريقيا، والأخرى بدعم جهود التكيف في القارة. كما ترأست مصر عام 2018 مجموعة الـ 77 والصين في مفاوضات تغير المناخ، وكذلك مجموعة المفاوضين الأفارقة،
وتتولى مصر رئاسة مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP 27 في توقيت بالغ الحساسية.
وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام المطلوب، مما يحتم كله تكاتف الجهود لإنجاح هذا المؤتمر وإحرازه التقدم المنشود على طريق خفض الانبعاثات ووقف الارتفاع في درجات الحرارة المسبب للاحتباس الحراري والمؤدي بدوره لتلك الآثار السلبية.
كما ينعقد مؤتمر( شرم الشيخ) بعد ما نجح المجتمع الدولي خلال مؤتمر جلاسجو عام 2021 في إتمام الاتفاق على تفاصيل تنفيذ اتفاق باريس وحشد الإرادة السياسية نحو الحفاظ على معدل الزيادة في درجات الحرارة عند درجة ونصف مئوية.
فالدول المتقدمة لم تفى حتى الآن بالتزامها توفير 100 بليون دولار سنويا لتمويل جهود الحد من آثار التغيرات المناخية والتكيف معها في الدول النامية علما بأن هذا الرقم يقل كثيرا عن الوفاء بالاحتياجات الفعلية للدول النامية.
لتنفيذ إسهاماتها في جهود التعامل مع تغير المناخ ؛وقضية التكيف مع الآثار السلبية تحتاج لإجراءات وخطوات عملية ملموسة لدعم الدول النامية في تعاملها مع تلك الآثار.
فالرئاسة المصرية بصدد إطلاق عدد من المبادرات ذات الطابع العملي للتعامل مع مختلف جوانب القضية، منها مبادرات عالمية وأخرى إقليمية أو قطاعية نسعى لأن تحدث فارقا ملم.
قضية المناخ أكبر تحدي يواجه البشرية حاليا، إذ أدرك العالم الحاجة الملحة للانتقال لنمط تنموي قابل للاستدامة بعدما تبين أن نمط التنمية المتبع منذ الثورة الصناعية .
والتعهدات المستقبلية بخفض الإنبعاثات تقصر عن تحقيق هدف وقف ارتفاع درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية.
لقد أبدت مصر دائما الالتزام والجدية على المستوى السياسي تجاه مكافحة تغير المناخ من خلال الموافقة والتصديق على اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية لتغيرالمناخ، بروتوكول كيوتو واتفاق باريس.
وعلى صعيد مساهمة مصر في جهود خفض الانبعاثات الحرارية ، فقد تم اتخاذ العديد من الخطوات مثل وضع إطار استراتيجية تنمية منخفضة الانبعاثات حتى عام 2030 والتي يجري تحديثها حتى عام 2050 لتتناول خطط التنمية الوطنية وخطط تغير المناخ في إطار متناغم.
ووضع استراتيجية الطاقة المستدامة لمصر 2035 والتي تستهدف زيادة مساهمة الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء وتحسين كفاءة الطاقة.
والنظرة المستقبلية لتصبح مصر مركزا إقليميا للطاقة من خلال إنتاج وتصدير الطاقة النظيفة مباشرة أو من خلال الهيدروجين الأخضر والأمونيا وغيرها.
وبسبب تغير المناخ تسعى الحكومة المصرية للإنضمام لمسار الدول التى تعمل على الاستفادة من تشجيع الاستثمارات الصديقة للبيئة والمناخ.
وأهم المبادرات للحكومة هى السندات الخضراء والتى تتيح تسهيلات لتنفيذ تلك المشروعات حيث نجحت مصر في الإصدار الأول للسندات الخضراء بقيمة 750 مليون دولار بما يضع مصر على خريطة التمويل المستدام، كما تم إعداد الإطار الارشادي لإدماج البعد البيئي بنسب معينة فى مشروعات وخطط الدول.
التعليقات