قائمة الأفلام التي لم تلتفت إليها لجان التحكيم وعلى رأسها اللبناني «أصداء» الذي تميز بفكرته اللامعة وتكثيفه السينمائي الأخاذ
لجنة تحكيم «الفيبريسي» منحت جائزتها لفيلم مغربي وهي المكونة من ثلاثة أعضاء: مصري وروماني .. ومغربي!
مصر شاركت في مسابقتي الأفلام الروائية القصيرة والتسجيلية الطويلة والقصيرة.. ولم تفز بأية جائزة!
«أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ فَهَلْ سَأَلوا الغَوّاصَ عَـنْ صَدَفاتي» قالها الشاعر الكبير حافظ إبراهيم، وكأنه يتحدث عن الدورة 23 لمهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة (17 – 23 مارس 2022)؛ فليس صحيحاً، على الإطلاق، أن أفضل الأفلام هي تلك التي حظيت بتقدير، وجوائز، لجان التحكيم؛ بل يمكن القول، من دون مبالغة، أن العروض الفيلمية داخل الفعاليات المختلفة للدورة؛ سواء التي شاركت في المسابقة الرسمية أو في البرامج الموازية، تمتعت بسوية فنية رائعة، وكانت، بحق، بمثابة «الدُّرَر» الْكَامِنَة فِي أَحْشَاءِ مَهْرَجَانٍ الْإِسْمَاعِيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة.
إدريس
أصداء الفيلم اللبناني الذي ظُلم
نبدأ رحلة «الغوص» في أحشاء الدورة 23 للمهرجان، والبحث عن «الدُّرَر» الكامنة فيها، مع «أفلام الطلبة»، التي عُرضت في برنامجين تميز منها جميعاً أفلام : «كيف تجعل إثنان يقعان في الحب ؟»، إخراج بسمة شيرين، الذي حصد الجائزة الأولى للمسابقة (15 ألف جنيه)، ويعكس عنوانه محتواه، واتسم أسلوب مخرجته بالطزاجة والواقعية الرومانسية معاً، و«دي أول مرة ؟»، إخراج أحمد رءوف، الذي حصد الجائزة الثانية (10 ألاف جنيه) ويثير لدى المتابع احتمالات عدة، لكنها تخيب، لصعوبة توقع أحداثه، و«لقمة المستحية»، إخراج ماريو رمزي، الذي حصد الجائزة الثالثة ( 7 ألاف جنيه)، ويُقدم الواقع بشكل عبثي ساخر، وكأن الدنيا مسرحية هزلية. لكن الجوائز وحدها ليست الفيصل الوحيد للتقييم، ولكل لجنة تحكيم معاييرها، ومن ثم لم تحل النتائج دون تميز أفلام أخرى؛ على رأسها «منكش»، إخراج مروان المسلماني، الذي يُنبيء بأننا أمام موهبة شابة واعدة، وقادرة على تقديم إضافة هائلة في مجال أفلام الحركة، و«أبي لم يمت بعد»، إخراج مروان موفق، الذي يُبهرك بأجوائه النفسانية، ومشاعره الدفينة، و«لحظات»، إخراج أحمد عادل، الذي يتناول، بحس مُرهف، لحظة حرجة تعيشها راقصة الباليه المُراهقة، ولفرط ما نجح المخرج في رصد اللحظة، وتداعياتها، وما يعتمل لدى المراهقة من مشاعر نفسية يُخالجك شعور وكأنك أمام إحسان عبد القدوس في أدبه، الذي صور أدق المشاعر الأنثوية.
أفيش فيلم لحظات
البوق الذي أنقذني
كنوز في الأحشاء
.. وتتواصل رحلة الغوص، والتنقيب عن الدُرّر؛ ففي مسابقة أفلام التحريك فاز فيلم «لم يكن بورجوني» (فرنسا)، إخراج ماتياس دى بانافيو، بجائزة لجنة التحكيم، فيما حصل فيلم «العازفون المنفردون»، إخراج مهرناز عبد الله ، فيبن إلياس ولدهوارت ، رازق إسساكا، سيليست جامنيك، يي ليو (فرنسا)، علي جائزة افضل فيلم (ذكريات الحرب بطريقة مبتكرة)، وحصل فيلم «الحلقة» (إسبانيا)، إخراج بابلو بولدرى (كل إنسان يكرر نفس ما فعل من قبل) ، وفيلم «سييرا» (استونيا)، إخراج ساندر جون (المخرج يستعيد جانباً من طفولته بشكل أخاذ)، علي تنويه خاص، بينما تجاهلت لجنة التحكيم أفلام رائعة، لا تقل في سحرها عن الأفلام الفائزة؛ مثل : «كروموسوم» إيطاليا (النظرة الدونية من المجتمع الذكوري للمرأة)، «بالمصعد وحده» اليونان (الأماكن الضيقة تعري حقيقة البشر)، «لحظات» أوزبكستان (الجدران تتكلم في شوارع بخارى) و«محارة وقعت في الحب» بلغاريا (ماذا لو وقعت محارة في الحب؟).
المخرج أحمد عادل
المخرج عبد الرحمن محمود
وعلى صعيد الأفلام الروائية القصيرة حصل فيلم «كبير» (إيطاليا)، للمخرج دانييل بيني، علي جائزة أفضل فيلم (الحلم بالثراء بضربة حظ)، وفيلم «أول الصيف الأخير» (بولندا)، إخراج ناستازيا جونيرا، على تنويه خاص (مركز بحثي لتحويل المجرمين الميئوس من توبتهم إلى حيوانات)، وفيلم «أمهات» (ليتوانيا)، إخراج بيروتا كابوستينسكايت (العلاقة المتوترة بين أم وابنتها الحامل)، بينما ذهبت جائزة لجنة التحكيم إلى فيلم «هيزيا» (فرنسا)، إخراج شابنامه زرياب (زوجة محرومة من الإنجاب تجد بين يديها طفلة رضيعة تركها والدها المهاجر العربي وديعة لديها) لكن لجنة التحكيم تجاهلت، ولا أدري لماذا ؟، أفلاماً جميلة؛ مثل : «أرنب» أو Bunny روسيا (زوج وزوجته في أزمة بعد إنجاب طفل يُعاني من التلعثم)، «زهور» إيطاليا (عاطل يسرق دراجة ليُصبح عامل توصيل في متجر بيع زهور)، «طريق خفي» اليابان (حادث عبثي بين سيارتين في طريق مهجور)، «قلبي الأسود» أرمينيا (كوميديا سوداء بطلها رجل يتصور أن حل أزمته المالية في موت والده الكهل). ويبقى تجاهل الفيلم المصري «غريبان وليلى» إخراج خالد منصور (ليلة السفر ومفاجآت اللحظة الأخيرة)، واللبناني «أصداء»، إخراج جوليان قبرصي (شرفة منزل عائلة لبنانية تُسلط الضوء على الأحداث التي عاشتها لبنان عبر ثلاثة أجيال)، الذي لا أدري، حتى هذه اللحظة، كيف مرت عليه اللجنة مرور الكرام، رغم فكرته اللامعة، وتكثيفه السينمائي الأخاذ ؟
المخرج مروان المسلماني
المخرجة بسمة شيرين
الطلم البين!
على نفس النسق، منحت لجنة تحكيم مسابقة الافلام التسجيلية القصيرة، جائزتها الخاصة لفيلم «أنيما أنيماي أنيميام» (إسبانيا)، إخراج جولييتا جاسروك ، خوسيه ( بوتكسا ) وبوشاديس مارتينيز (إلى محركي الدمي الذين لم يُسمح بدفنهم بحجة أنهم بلا روح)، وذهبت جائزة أفضل فيلم للفيلم الصربى «تعديل»، إخراج ديان بتروفيك (مأوى للكلاب الضالة لتهذيب البشر)، وخصت اللجنة الفيلم «العربة السوداء»، إخراج إديليت كارزويف (قرغيزستان في آسيا الوسطى)، تنويهاً خاصاً (الأخطار التي تُحدق بعمال المناجم في إطار خطة ينبغي تنفيذها مهما حدث !). لكن لجنة التحكيم لم تتوقف، لسبب ما، عند الفيلم المصري «إدريس»، إخراج أمير الشناوي (أزمة لاجيء إريتري يعيش في مصر ويبحث عن هوية شرعية)، والفيلم الهولندي «في خضم الكلمات» (شهود عيان كانوا مترجمين في محاكمة الصرب بسبب جرائمهم ضد مواطني البوسنة). أما الفيلم الألماني «البوق الذي أنقذني» (قائد أوركسترا سيمفوني، ومعلم موسيقي، يتقاعد بسبب ظروفه الصحية، فيلجأ إلى موسيقى الشوارع، لكن جائحة كورونا تهز اقتصاده الشخصي)، وهو فيلم إنساني يثير الشفقة، والتعاطف، ويهز المشاعر، وأكبرالظن أن اللجنة تجاهلته لأن مخرجه شاب مصري هو أنس صلاح الدين!
أمهات 2
باب الدنيا تجاهلته اللجنة
أخيراً ذهبت جوائز مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة إلى الفيلم الهولندي / البوسنة والهرسك / الفرنسي «البحث عن الأحصنة» (المخرج ورفيقه الصياد يعانيان من إعاقتين مختلفتين بسبب الحرب الأهلية البوسنية)، الذي نال جائزة لجنة التحكيم الخاصة، والفيلم البلجيكي «أنا حُر» (أن تكون كما تريد)، الذي حصد جائزة أفضل فيلم، لكن لجنة التحكيم لم تلق بالاً، بالمرة، لردات الأفعال الإيجابية، والاستحسان والصدى الكبيرين، الذي تحقق للفيلم التسجيلي الطويل المصري «باب الدنيا»، إخراج عبد الرحمن محمود (اقتفاء أثر الشباب الذين ذهبوا الى منطقة سانت كاترين في سيناء، في فبراير من عام 2014، وفاجئتهم عاصفة ثلجية، وهم على قمة جبل «باب الدنيا»، الواقع بجوار جبل موسى، على بعد 392 كيلومتراً من القاهرة، وأودت بحياتهم)، ولم تمنحه تنويهاً، في أضعف الإيمان، وكأن الفيلم المصري كان وصمة الدورة ال 23 للمهرجان!
بالمصعد لوحدي
غريبان وليلى
حدث هذا في الوقت الذي منحت فيه لجنة تحكيم الاتحاد الدولي للصحافة السينمائية «الفيبريسي»، جائزتها للفيلم المغربي «صرة الصيف»، إخراج سالم بلال، رغم أن اللجنة تتكون من ثلاثة أعضاء: مصري وروماني.. والثالث مغربي!
كبير
كيف تجعل إثنان يقعان في الحب ؟
من فيلم منكش
التعليقات