- التحول الكبير فرض نفسه على كلمات المكرمين
- لماذا نجحت فكرة «القاعة البديلة» و«الشاشة الموازية» في البحر الأحمر.. وفشلت وأثارت الغضب في القاهرة؟
ليست مصادفة، على الإطلاق، أن تختار إدارة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، أن تحمل دورته الافتتاحية، التي انطلقت أمس الإثنين وتستمر حتى الخامس عشر من الشهر الجاري، شعار «التغيير»، وأن تتردد كثيراً عبارة «رياح التغيير»، أو «أمواج التغيير» Waves Of Change ، وأن تحمل النشرة اليومية للمهرجان عنوان «أمواج»، ومن ثم يُشير محمد التركي، رئيس لجنة مهرجان البحر الأحمر، صراحة، في كلمته الافتتاحية، إلى أن «رياح التغيير» هبت على شواطيء جدة، وأنه سعيد للغاية بهذه اللحظة التاريخية، التي تحتفل فيها المملكة بالسينما وصناعها ومحبيها، وفخور لأنه جزءٌ من هذه اللحظة، التي أصبحت فيها السعودية منارة للأفكار وملتقى للإبداع وحاضنة للجيل الجديد.
أما المثير، بحق، أن تتفق كلمات الفنانات الثلاثة، اللاتي كرمهن المهرجان، وهن : الأيقونة الفرنسية كاترين دونوف، النجمة المصرية ليلى علوي والمخرجة السعودية هيفاء المنصور، على أن مهرجاناً سينمائياً كهذا ما كان يُمكن لأحد أن يصدق أن يُقام في السعودية لولا «التغيير»؛ إذ أبدت الفرنسية «دونوف» سعادتها البالغة بالمهرجان الأول، وأنها فخورة للغاية بتكريمها في دورته الافتتاحية، وعبرت المصرية «علوي» عن سعادتها بالتواجد في المهرجان، وشكرت كل من اختارها للتكريم، ونوهت إلى «التحول الكبير، الذي تشهده المملكة»، واصفة إياه بالنقلة النوعية، وتوقفت عند قاعات السينما، التي تُبنى كل يوم، والتي أرضت شغف الجمهور السعودي، الذي طالما انتظر مثل هذه اللحظة العظيمة، ولم تنس الإشادة ب «القيادة المحبة للفن والثقافة»، وأنهت بإعلان دعمها للمهرجان، والسينما السعودية الجديدة، وشبابها الواعد، الذي تُراهن عليه كثيراً.
وعلى نفس النسق جاءت كلمة المخرجة السعودية، هيفاء المنصور، مفعمة بالحماسة، والعاطفة، والشجن، لدرجة أن صوتها اختلط ببعض النحيب، وطفرت من عينيها الدموع؛ عندما قارنت بين ما كان عليه المجتمع السعودي، وما أصبح عليه الآن، عددت الأحلام، التي أضحت واقعاً وحقيقة؛ كاستحالة أن ترى فيلماً في طفولتها، وإذا بها تصنع الأفلام، وأن يتم الاحتفال بها، وتكريمها، كامرأة، في اجتماع حاشد، يحرص على حضوره الجميع، وناشدت بنات جنسها، وكل امرأة سعودية، أن تتحلى بالقوة والشجاعة، وهتفت : «إحنا جايين .. وجايين بقوة».
القاعة البديلة
ذات يوم فكر النجم حسين فهمي، إبان رئاسته لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في تخصيص قاعة بديلة للقاعة الرئيسة التي تشهد فقرات، وفيلم، الافتتاح، رغبة منه في استيعاب أكبر عدد من الصحفيين، الذين لا تسمح القاعة الرئيسة بحضورهم، غير أن فكرته قوبلت بغضب عارم، من قبل الصحفيين، الذين كالوا له الاتهامات بأنه يزدريهم، ويُجامل طبقته من الفنانين، والسينمائيين،على حسابهم. وبالفعل تم وأد الفكرة في مهدها !
تذكرت تلك الواقعة، في حفل تدشين الدورة الافتتاحية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي، الذي أقيم في مسرح القالا بمدينة جدة البلد، وقدمته المخرجة السعودية فاطمة البنوي والفنان السعودي يعقوب الفرحان؛ حيث طبقت إدارة المهرجان، بكل حزم، فكرة «القاعة البديلة»، أو «الشاشة الموازية»، التي خصصت للصحفيين، والإعلاميين، بعيداً عن مسرح الحفل، ليشاهدوا من حلالها فقرات الحفل، وقبلها مشاهد «السجادة الحمراء»، وانتهاء بفيلم الافتتاح، من دون أن يرتفع صوت واحد بالاعتراَ أو الشكوى أو التهديد بالانسحاب، كما حدث في القاهرة من قبل.
والحق يقال أن الفكرة نجحت بشكل كبير، وغير متوقع، وفي جو هاديء للغاية، بغير ضجيج السجادة الحمراء، أو زحام القاعة الرئيسة للحفل، استمتع الصحفيون، والإعلاميون، ولعض الضيوف، في القاعة البديلة، بمشاهدة فقرات حفل الافتتاح بالكامل، وتعرف، بدقة ربما لم تكن متوافرة من قبل، على أعضاء ورئيس لجان تحكيم المسابقات الثلاثة، وأفلام المكرمين، والكلمة المهمة التي ألقاها جاك لانج، وزير الثقافة والتعليم الفرنسي سابقاً، والرئيس الحالي لهيئة أمناء معهد العالم العربي بفرنسا حالياً.
وجاء فيلم الافتتاح «سيرانو»، بمثابة تأكيد على نجاح فكرة «الشاشة الموازية»، وتتويج للتجربة غير المسبوقة، ولا المعترف بها؛ فقد خشيت أن يواكب عرض الفيلم مشاكل تقنية، تُفسد العرض، وتُكدر صفو الحضور، الذي لم يشاهد الفيلم، في القاعة الرئيسة، لكن مضت الأمور بسلام.. وكان الفيلم «مسك الافتتاح» !
التعليقات