يبدو أن المتطرفة والمتشددة، والتي تسعى للسلطة على حساب أي شئ تسير على نفس النهج في كافة الدول، فلا تعرف قدسية الحدود، ولا تحترم إرادة الجماهير، ومن السهل عندها السب واللعن للأوطان، حتى إذا تربوا فيها، وعاشوا خيراتها بعد جعلهم فريسة للمخططات الخارجية، ثم تأتي الكارثة حينما نجد أحدهم يتولى زمام الأمور في البلاد.
وجاءت تصريحات الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي خلال الأيام الماضية لتثير الحزن لكل من هو محب للوطن الحبيب تونس، بل أعاد إلى الأذهان تصريحات المرشد الأسبق لجماعة الإخوان حينما قال "طظ في مصر"، فالفكر واحد، والأهداف الخبيثة واحدة، ومن الطبيعي استخدام الدين كأداة لتحقيق الهدف على طريقة" الغاية تبرر الوسيلة" لديهم.
وبالتأكيد، تعيش تونس فترة عصيبة في تاريخها، ويواجه الرئيس الحالي قيس سعيد طيور الظلام وأنصار الفساد في كل مكان وسط دعم شعبي كبير، لكن خروج الرئيس الأسبق منصف المرزوقي، المتواجد في فرنسا حالياً، بتصريحات يؤكد فيها قيامه بالتحريض ضد وطنه، وسعيه لدى الفرنسيين لإفشال عقد قمة الدول الفرانكفونية "البلدان الناطقة بالفرنسية" والتي كان من المقرر عقدها بتونس في نوفمبر المقبل هو في تقديري جريمة وخيانة عظمي.
ورغم أن قيس سعيد قرر فتح التحقيقات في هذا الشأن، إلا أن القضية تتجاوز هذه الخطوة بكثير، لأنها لم تصدر من شخص عادي، لكنها من رئيس تونسي تولى مسئولية البلاد ، وجلس يحكم، ويحدد سياستها لسنوات بعد فترة حكم زين العابدين بن علي ولمدة قرابة 4 سنوات، وهذه كارثة بكل ما تحمل الكلمة من دلالة.
كما دعا المرزوقي للتدخل في شئون بلاده، وهي ليست الجريمة الأولى أو الثانية له خلال الفترة الماضية، بل وصف الشعب التونسي الداعم للقرارات السياسية الإصلاحية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو الماضي بأنهم "رعاع"، والفيديوهات الخاصة بذلك موجودة على موقع يوتيوب، وبعض مواقع التواصل الاجتماعي.
وللأسف الشديد، لم يدرك المرزوقي الذي يسير مع حركة النهضة الإخوانية في طريقها الآن حجم بلاده، ولم يعرف أن خسارته الفادحة في الانتخابات الرئاسية الماضيه لم تكن من فراغ بعد أن ارتمى في أحضان جماعة الإخوان، والسعى للحصول على أصواتهم، ثم لم يحصل على 3% من الأصوات ،بل جاء في المرتبة 11 بين 26 مرشحاً، وهي نتيجة كافية لتوضيح المشهد.
وخرج المرزوقي عام 2019 ليعلن إنسحابه من الحياة السياسية، لأنه لم يحترم إرادة الشعب واختياره، وهكذا أفكار وطريقة الإخوان حينما يتم انتخابهم تجدهم يتحدثون عن عظمة الشعب واختياره، ثم بعد إسقاطهم وكشف سوء نظام حكمهم، نجد السب واللعن في الأوطان والشعوب، والسعى للتدخل الخارجي للحفاظ على السلطة بشتى الطرق، لنجد عودة المرزوقي بتصريحات وخطوات ضد وطنه من خارج الحدود.
إن ما فعله المرزوقي جريمة كبرى تستوجب المحاكمة 3مرات، الأولى كونه تونسياً، والثانية كونه رئيساً أسبق للبلاد وليس مجرد شخص عادي، والثالثة تجاه تصريحاته أيضاً منذ أيام والذي أعلن فيها مسئوليته عما آلت إليه الأوضاع في البلاد خلال السنوات الماضية، وهي أدلة لا تحتاج إلى من يقدمها في محاكمته، خاصة أننا تعلمنا بأحقية كل مواطن في انتقاد نظامه السياسي والمعارضة على أرض الوطن، لكن المعارضة من الخارج ضعف وخيانة.
إن الأحداث السياسية، والتطورات التي تشهدها المنطقة تثبت لنا دائماً الأفكار المسمومة، والمخططات الخبيثة التي تتخذ من الدين ستاراً لها لتحقيق أهدافها، وإذا كان المرزوقي لا يحب وطنه وينظر له ولشعبه حالياً هذه النظرة، فإن كل عربي لا يقبل هذا الهراء الصادر عن المرزوقي ، ونقول له "عفواً يا مرزوقي، ما هكذا تكون المشاعر تجاه الأوطان، لكنها إرادة الله لكشف الحقيقة أمام شعوب عانت وتظل تعاني من وجود أمثالكم وأفكاركم".
التعليقات