يحاول الرئيس عبد الفتاح السيسي دائماً، الحفاظ على كل شبر في الأرض الزراعية، ويدرك جيداً حجم الخسائر لأجود الأراضي أثناء وبعد يناير 2011، واستغلال الكثير من المواطنين لحالة الإضطراب، ليس فقط لتجريف الأرض والبناء عليها، وإنما البناء بالشكل العشوائي، دون مراعاة قدرة وقوة الخدمات المتاحة لكل منطقة سكنية.
ووجه الرئيس الحكومة مؤخراً، بمواجهة التعديات على أملاك الدولة، كذلك الأرض الزراعية، ومجرى النيل خلال ستة أشهر، ووضع قواعد تمنع المعتدين من الحصول على الدعم التمويني وبعض الخدمات، مواصلاً الحفاظ على ما تبقى، بعد أن خسرت مصر ملايين الأفدنة خلال العقد الأخير، وتحولت غالبية القرى، والمدن إلى البناء العشوائي، بسبب استغلال أصحاب المباني للظروف التي مرت بها الدولة لحصد المكاسب من وجهة نظرهم في تحويل الأرض الزراعية إلى كتلة سكنية.
ومن المؤكد أن هؤلاء المعتدين، خاصة أصحاب المساحات الشاسعة، والذين قاموا بالبناء بما يفوق احتياجاتهم، بل واحتياجات أحفادهم من الشقق والمنازل على الأراضي الزراعية، وأملاك الدولة، قد حققوا الأرباح بالملايين، إلى جانب مشاركتهم في فساد المحليات بشكل أو بآخر، لنجد نزيف تجرف الأرض الزراعية، يزداد يوماً بعد يوم، وقيام البعض بالاتفاق مع بعضهم البعض لبيع أراضي الإصلاح الزراعي، أو الأوقاف، وكأن الأراضي لا صاحب لها.
ووجدناً أنفسنا أمام "وعد بلفور" على الطريقة المصرية، حيث يبيع من لايملك، لمن لايستحق، وسط فوضى عارمة في البناء، والسوق العقاري، وكل ما يتعلق بحق الإنسان في المسكن، وكان لابد لهذه المهزلة أن تنتهي، وأن تشارك الدولة بكل جهودها ليس فقط في التصدي لذلك، وإنما في توفير البديل للشباب، والمقبلين على الزواج، وموائمة المناطق السكنية لقدرة المرافق المتاحة، منعاً للأزمات سواء في المياه، أو الصرف الصحي، أو الكهرباء.
وبذلت الدولة المصرية جهوداً مضنية بقيادة وتوجيهات الرئيس السيسي نحو الإسكان الاجتماعي، منذ توليه زمام الأمور، مروراً بمشروعات الإسكان لمحدودي ومتوسطي الدخل، وصولاً إلى مشروعات المدن الجديدة في العاصمة الإدارية، والعلمين، والمحافظات الجديدة، وغيرها من المناطق التي تسعى الدولة لتغيير نمط الحياة فيها، وتوسيع رقعة العمران، ببناء الإسكان، والجامعات الجديدة سواء كانت الحكومية، أو الأهلية، أو الخاصة، وتشجيع القطاع الخاص في هذا الإطار.
ولاشك أن مبادرات التمويل العقاري على مدار السنوات الماضية بواسطة البنوك، لسداد قيمة الوحدة قد شاركت في حصول الملايين من البسطاء على الوحدات، للعيش فيها، وسداد قيمتها على مدار 20 عاماً، أو المبادرة الأخيرة التي أعلن عنها الرئيس السيسي بالسداد على 30 عاماً،على أن يسدد المنتفع 10% من قيمة الوحدة مقدماً، وشروط الوحدة كونها جاهزة ، وغيرها من الشروط.
وحقيقة القول أن الفترة الأخيرة، شهدت بناء العديد من المشروعات السكنية، سواء المملوكة للحكومة، أو القطاع الخاص، وسط انخفاض الطلب على الكثير منها، لارتفاع أسعارها، أوالمعاناة من تأثير أزمة فيروس كورونا على غالبية المواطنين، كذلك أصحاب الشركات العقارية الذين يعانون من سداد مستحقات الحاجزين للوحدات بسبب قيام الدولة حالياً بإصلاح منظومة البناء، ووضع شروط السلامة الإنشائية، إلا أن الأمر حالياً يحتاج تدخل الرئيس طول الوقت للمزيد نحو الأفضل، وكما تعودنا منه تجاه حركة السوق والتسهيلات، ومراقبة العرض والطلب، وحرصه على تملك البسطاء ومتوسطي الدخل لوحدات سكنية تليق بهم.
وأعتقد أن تقديم الكثير من التسهيلات، سواء بانخفاض أسعار الفائدة البنكية للبنوك الممولة للمبادرات، أو طول مدة السداد، سينهض بالقطاع على المستوين الحكومي، والخاص، كذلك العمالة التي تعاني من بطء حركة البناء خلال الفترة الماضية لأسباب كثيرة، لأن إنقاذ قطاع التشييد والبناء وشركاته، خاصة المتعثرة، وعمالة النشاط العمراني التي تصل إلى الملايين ضرورة حتمية، كون هذا الأمر من الأسس التي يقوم عليها الاقتصاد المصري.
التعليقات