يأتي الاحتفال بذكرى انتصارات حرب أكتوبر هذا العام لأول مرة في غياب المشير محمد حسين طنطاوي، الذي ودعناه منذ أيام، وهو أحد أبطال الحرب ضابطاً، ومقاتلاً من أجل مصر حتى حينما تولى قيادة الجيش، ليظل مدافعاً عن مصر، ومحافظاً على العهد والقسم لحفظ أمن البلاد، وندعو الله أن يجزيه خير الجزاء لما قدمه لهذا الوطن.
ونصر أكتوبر، والعبور العظيم عام 1973، هو نقطة فاصلة ليس في تاريخ مصر فقط نحو استعادة الأرض المُغتصبة، وإنما للعرب جميعاً، نحو استعادة الكرامة، بمشاركة عربية واسعة كانت جنباً إلى جنب نحو استعادة الحقوق، وإبراز صورة التعاون والتكاتف العربي، ضد القوى الغاشمة التي سعت لاغتصاب الأرض والثروات، والإرادة العربية.
وحقيقة الأمر أن روح حرب أكتوبر على كافة المستويات، والاتفاق على هدف واحد ، وهو النصر، ومحو آثار الهزيمة كان العامل الأساسي للنجاح والتوفيق من الله ، حيث وحدة الجبهة الداخلية، والقدرة على السعى، ومواصلة العمل والجهد، والاعتماد على الأسلوب العلمي مقترناً بقدرة وكفاءة المقاتل المصري في كافة الأسلحة، وغيرها من العوامل التي يتحدث عنها الكثيرون في هذه المناسبة.
وبعيداً عن تفاصيل الماضي الذي نفتخر به جميعاً، فنحن الآن نحتاج إلى هذه الروح لبناء مصر الجديدة، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، نحتاج روح أكتوبر في العمل والاجتهاد والإنتاج من أجل الوطن، ونبذ الخلافات، وتحمل الصعاب، وظروف المرحلة التي يعاني منها كل مواطن مصري، سواء بعد تحرير سعر الصرف، أو نتائج أزمة كورونا، وما تبعه من قرارات حملّت المواطنين الكثير من الأعباء في حياتهم اليومية.
وكما أن نصر أكتوبر لم يكن يتحقق، إلا بوحدة الصف، وتحمل الصعاب، فالجمهورية الجديدة التي يتمناها كل مصري، لن تُبني إلا بتحمل الصعاب أيضاً، والصبر، والثقة في القيادة السياسية الوطنية المُخلصة، لعمل بنية تحتية تليق بمصر وشعبها، ونصرها في العبور الأول خلال حرب أكتوبر، كي تستطيع العبور الثاني بالجمهورية الجديدة في مواجهة التحديات، وحالة التوتر التي تشهدها المنطقة، والمخططات الخارجية التي نعيشها في العقد الأخير نحو تدمير الأوطان العربية، والتي استطاعت مصر بفضل الله أن تمر منها بسلام.
وجاء حديث اللواء دكتور سمير فرج، المدير الأسبق للشئون المعنوية بالقوات المسلحة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة تزامناً مع ذكرى النصر، ليبعث برسالة طمأنة لكل المصريين تجاه رئيسهم، حيث تحدث عن الملازم أول عبد الفتاح السيسي الذي عمل تحت قيادته منذ 40 عاماً، وكان اللواء سمير فرج قائداً للكتيبة وقتها، ليتبادل مع الرئيس، رسائل وذكريات الحب والتضحية، والقدرة على اتخاذ القرار، لنجد الروح الطيبة التي سيطرت على اللقاء، حيث لم يستشعر الرئيس الحرج في سرد كيفية تعلم حل المشكلات من قائده سمير فرج، أطال الله في عمره.
ومن دواعي الفخر أنني رئيساً لحزب يحمل اسمه دلالة النصر والعبور، وهو حزب"مصر أكتوبر"، وقد كان للمشير الراحل حسين طنطاوي الدور الأبرز في اختيار اسم الحزب، وهي دلالة ستظل خالدة في أذهان الأجيال، لما للنصر والعبور العظيم من شرف وفخر لكل مصري غيور على الأرض والعرض، وفاجأ العالم بقدرته على المقاومة والانتصار في أصعب الظروف.
ومصر التي تعبر الآن نحو الأفضل في كل المجالات، تحتاج جهد كل مصري مقتنع بأنه جندي في جيش بناء مصر الجديدة، لتحقيق ما نسميه "العبور الثاني"، لاستكمال بناء الدولة، وتصحيح أخطاء عقود مضت من عدم استغلال مقدرات الوطن بالشكل الذي يليق بأبنائه في الداخل والخارج، ليظل نصر أكتوبر، وروح أكتوبر ملهمة لنا لصناعة تاريخ جديد لمصر وشعبها.
التعليقات