يُحسب للرئيس التونسي قيس سعيد، الخطوة التاريخية له خلال الساعات الماضية بتكليف الدكتورة نجلاء بودن، برئاسة الحكومة التونسية الجديدة، لتكون أول سيدة عربية تتولى منصب رئاسة الحكومة، ليس في تاريخ تونس الخضراء فقط، وإنما في العالم العربي أجمع.
وقد أثلج قرار الرئيس التونسي صدورنا، لأنه يؤكد الثقة في الخطوات التي يتخذها، خاصة بعد إزاحة أنصار وأعضاء حركة النهضة التونسية "إخوان تونس"، وحالة الاضطراب التي تشهدها البلاد مؤخراً سياسياً واقتصادياً ، إلى جانب التحديات التي تواجهها البلاد خلال الفترة القادمة وهي ليست بالسهلة.
ومن المؤكد أن قرار الرئيس التونسي، كان مفاجأة للجميع، لكنه في النهاية يُبعث بالكثير من الرسائل لشعبه، والعالم، في ظل هذه الظروف، ليؤكد من جديد بأن تونس سباقة في أشياء كثيرة، ولم يكن من المتوقع هذا الاختيار على الإطلاق، خاصة أن نجلاء بودن ليس لها خلفية، أو تاريخ سياسي، واقتصر عملها على التدريس بالجامعات كأستاذ للتعليم العالي بالمدرسة الوطنية للمهندسين، كذلك خبرتها وإداراتها للكثير من الإدارات بوزارة التعليم العالي.
كما يبعث الرئيس التونسي برسالة لشعبه بأن رئاسة الحكومة لن تكون لقيادة حزبية لها توجهها السياسي، وإنما أراد شخصية مستقلة، وهو الأمر الذي إذا كان يحمل بعض الانتقادات، فهو أيضاً يمثل الكثير من الإيجابيات بالنسبة لتونس ، التي تختلف الأوضاع فيها حالياً عما سبق، وعن الكثير من الدول الأخرى.
ويعد هذا الاختيار لنجلاء بودن، انتصاراً للمرأة العربية في كل أقطار الوطن العربي، وهو الأمر الذي تبناه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منذ توليه زمام الأمور في مصر عقب ثورة 30يونيه ،والإطاحة بظام حكم جماعة الإخوان بدعم ملايين المصريين في الميادين، لنجد تصدر المرأة المصرية للمشهد السياسي، سواء في الحكومة أو البرلمان بغرفتيه"مجلسي النواب والشيوخ"، بأكثر من 25 % من المقاعد، ثم مؤخراً بتولي المناصب القضائية في مجلس الدولة والنيابة العامة.
وأعتز دائماً، سواء داخل مصر ، أو حفاوة الاستقبال خارجها بأنني امرأة مصرية أتولى رئاسة حزب، وهو حزب "مصر أكتوبر"، وشاركت في العديد من اللقاءات، والمؤتمرات والندوات والمناسبات السياسية والاقتصادية بهذه الصفة التي أعتز بها، في ظل القيادة السياسية المصرية التي فتحت أفاقاً واسعاً وغير مسبوقة للمرأة المصرية في كافة المجالات.
ولاشك أن نجلاء بودن، ستواجه الكثير من الصعوبات والتحديات، سواء السياسية الناتجة عن حالة الاضطراب السياسي ، أو الأزمات الاقتصادية، وتوغل الفساد في قطاعات كثيرة داخل الدولة التونسية، إلا أن الرهان على خبرتها العلمية، وحيادها السياسي، والاعتماد على الشفافية والوطنية والانتماء، يعد أمراً كافياً على الأقل حاليا،ً لتولي هذه المهمة الصعبة في مرحلة تونس الحالية.
وخطوات الرئيس التونسي، تُبعث الطمأنينة والأمل لدى كل المحبين لتونس الخضراء، وتثبت يقيناً أن مصر وتونس يسيران نحو إعادة حقوق المرأة بما يليق بها، لأن المرأة العربية في المنزل، والعمل، وكل مجالات الحياة، كانت العمود الفقري لكل أسرة، لمواجهة الظروف الاقتصادية التي شهدتها المنطقة، نتيجة ما سُمي "الربيع العربي"، بل كانت كما أطلق عليها خبراء الاقتصاد "وزير مالية" في كل بيت.
ومن المؤكد أن كل عربي، وعربية، يتمنى لتونس الاستقرار، ووحدة الصف، وإعلاء المصلحة العليا للبلاد فوق كل اعتبار، وأن يعمل الجميع لمعاونة السيدة التي تتولى مهمة صعبة في ظروف أصعب، حتى يثبت تونس للعالم بأنه سيبقي سباقاً في الكثير من الخطوات، لأن المرأة العربية تستحق ما هو أكثر من ذلك، ليس في تونس فقط، وإنما في المنطقة العربية التي لا تزال تعاني آثار الماضي، وتجاهل قياداته السابقة لحقوق ودور المرأة.
التعليقات