هل ما يحدث الآن على الساحة العربية ربما يكون بداية تحقيق الحلم العربي الذي تأخر كثيراً؟ هل يصّدق إحساسي وتفاؤلي الذي عشت أتمناه وغيري في لم الشمل العربي، خاصة بعد الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية خلال العقد الأخير؟ أتمنى أن تكتمل الصورة وأن تتحول الرؤى العربية إلى واقع يعيشه كل عربي محب لوطنه.
لقد جاء مؤتمر بغداد الأخير بحضور بعض القادة والرؤساء العرب، ليبعث الأمل في نفوسنا، ليس فقط لأنه اللقاء العربي الذي نحب أن نراه دوماً نحو الوحدة والتعاون والإخاء، إنما كون إنطلاقه من العراق العريق، صاحب التاريخ الحافل الذي تمنينا جميعاً استقراره منذ الغزو الأمريكي.
وكانت الصورة مبهجة، وكانت تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي معبرة عما يدور في نفوس المصريين، وما يحملونه من مشاعر تجاه العراق، وهو تاريخ ممتد في غالبية البيوت المصرية منذ العمالة المصرية هناك، وطريقة المعاملة إبان حكم الرئيس الراحل صدام حسين لكل مصري على أرض العراق.
وتأتي خطوات رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي نحو العالم العربي موفقة للغاية، سعياً إلى استغلال الثروات، وتبادل المصالح، والجدوى الاقتصادية التي يجب أن تكون بين الدول العربية، وليس استنزاف الثروات من قبل المستعمرين، وثبات السياسة الخارجية العراقية على هدف بناء العراق من جديد بإرادة عربية مشتركة وليس بإرادة عراقية منفردة فقط.
ثم كانت الخطوة الأخرى في اللقاء الذي جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بأمير قطر، وهو اللقاء الأول من نوعه للتباحث حول القضايا المشتركة منذ ثورة 30يونيو2013، وتوتر العلاقات المصرية القطرية منذ إسقاط نظام حكم جماعة الإخوان، وهو لقاء يحمل في طياته الكثير من نقاط الاتفاق على تبني سياسة جديدة تبدو في الأفق مطمئنة إلى حد كبير.
وجاء اللقاء المصري القطري بعد أيام من تسلم وزير الخارجية المصري سامح شكري أوراق اعتماد السفير القطري المفوض لدى القاهرة، كما أن البيانين الرسميين الصادرين من مصر وقطر يحملان بوادر المؤشرات الإيجابية نحو صفحة جديدة تقوم على إدراك الواقع الحقيقي للمنطقة العربية، وأنه لا سبيل للعرب سوى بالعرب أنفسهم أولاً.
على الجانب الآخر، يشارك وزير الخارجية المصري في مؤتمر دول الجوار الليبي بدعوة من الجزائر الشقيقة، وكنت قد كتبت منذ أسابيع عن الدور الذي يمكن أن تلعبه الجزائر في قضايا كثيرة، خاصة في ظل وزير الخارجية الحالي رمضان لعمامرة وخبرته في إنهاء الصراعات، لأرى أمامي إمكانية بناء الوطن العربي من جديد على أسس ثابتة تضع في أولوياتها المصلحة العربية واستقرار المنطقة، وتأخذ في الاعتبار ما يتطلبه الواقع والتحديات من أوجه التعاون المشترك بين الدول الشقيقة.
ولاشك أن دول الجوار الليبي عليها مسئولية كبيرة حتى اكتمال بناء نظام سياسي يليق بدولة ليبيا، وإجراء الانتخابات المقرر لها ديسمبر المقبل، وهو نفس الشهر المقرر فيه أيضاً إجراء الانتخابات العراقية، لنبقى ننتظر العراق الذي نعرفه وتربينا على سيرته ومسيرته، ونرى ليبيا شامخة مستقرة موحدة، خالية من المرتزقة وعملاء الخارج ولصوص الثروات.
إن الأمل لدّى كبير، ومن حقي كمصرية عربية أن أحلم بما هو أكثر، لأن التاريخ به الكثير من الدول التي كادت أن تختفى بسبب عوامل سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، ثم سرعان ما عادت بقوة بفضل جهود أبنائها المخلصين،فقد ظللنا نحلم ونردد أوبريت "الحلم العربي" شعراً وأغاني في أشد الظروف، ليظل الأمل في بعض كلمات الأوبريت التي تقول "جايز ظلام الليل..يبعدنا يوم إنما..يقدر شعاع النور..يوصل لأبعد سما..ده حلمنا طول عمرنا..حضن يضمنا كلنا كلنا".
التعليقات