تحول غالبية نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي إلى مصدر أساسي لبث الطاقة السلبية، ولم تعد هناك أي مراعاة للظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها الوطن، خاصة في ظل التحديات الراهنة، وكأن نشر الإيجابيات جريمة يعاقب عليها القانون، لنجد غالبية التعليقات لا تحمل أخباراً سارة، أو فوائد يمكن الاستفادة من معلوماتها.
وحديثي في هذا الشأن لم يكن من فراغ، بل إن الفترة الأخيرة شهدت نشر كمية غير طبيعية من التعليقات والأخبار السلبية التي تتعلق بالجرائم، والقتل، وأشياء أخرى كثيرة، لا علاقة لها بأي مردود على القارئ سوى بث المزيد من الطاقة السلبية، والبعض حاول التعامل معها بسخرية لتجاوز الموقف.
ونحن في مصر مثل الكثير من الدول، عانينا من أزمة فيروس كورونا، وظللنا كالسجناء في المنازل، ولايوجد مواطن واحد لم يتأثر بالأزمة على المستوى النفسي قبل المستوى الاقتصادي وتوقف عجلة الإنتاج والعمل، إلا أن أراد الله تخفيف الأعباء بدرجة كبيرة لتعود الحياة لطبيعتها.
وبالتالي لم نعد نحن في حاجة إلى تداول الأخبار التي تحمل الطاقة السلبية، وتبث روح اليأس والهزيمة وتقتل الإنسانية في نفوسنا، بدلاً من نشر كل ما هو جميل ويحمل روح العمل والأمل والإنتاج والتفاؤل بما هو قادم، خاصة بعد الفترة العصيبة التي عاشها الجميع.
وفي هذا الصدد، أرى أن الصحف الورقية، والمواقع الإلكترونية لم تعد في حاجة إلى نشر هذا الكم الهائل من الحوادث الخاصة بالقتل والإجرام، والخُلع والتفكك الأسرى، فهي لم تعد سوى مصدراً للطاقة السلبية، دون أي فائدة على المتهمين أو المجني عليهم، أو القارئ ذاته، ولا تضيف سوى المزيد من طرق الإجرام والقتل والتفنن في ارتكاب الجرائم.
ووسائل الإعلام وأجهزة الدولة المعنية سواء المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أو الهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام مطالبة بوضع ضوابط لهذه الأمور، ولابد من إجراء دراسات عن المواد الصحفية والإعلامية التي تنشر في هذا الصدد، وما كان مناسباً أمس لم يعد مناسباً اليوم لأسباب كثيرة.
والغالبية يتابعون وسائل الإعلام، ونشر المواقف الإنسانية الرائعة، أو الحالات التي تحتاج تدخل مسئول أو وزير أو الرئيس للعلاج أو غيره، ونسعد كثيراً بهذا الدور الإيجابي للنشر إلى جانب المهمة الرئيسية وهي نشر الأخبار والمعلومات من مصادرها الرسمية عبر المواقع والوسائل الإعلامية المعتمدة، لكن الجانب الآخر يحتاج القرار الحاسم.
والأسئلة كثيرة في هذا الصدد، فهل أصبحنا في حاجة لهذا الكم المنشور يومياً، بل كل دقائق عن حوادث هنا وهناك دون الاستفادة منها، وهل الفترة التي نعيشها الآن تقبل المزيد من الطاقة السلبية التي تبث يومياً للقراء، ومن ثم يتم تداولها عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وتأثيرها على القارئ حتى لو كان هذا التأثير بعيد المدى؟ الأسئلة كثيرة ولم نعد نحتاج سوى الإجابة عليها.
ومن المؤكد أن موقفي لايعني الهجوم على الإعلام الذي أعتبره أحد أهم أدوات القوة الناعمة لمصر، ودوره في التنوير، لكني أنتقد الحالة المنتشرة بكثافة نحو بث الطاقة السلبية، وأقول للجميع ولمن يهمه الأمر، وكل مسئول عن نشر كلمة في أي وسيلة إعلامية كفانا طاقة سلبية يرحمكم الله، انشروا الأمل والبهجة والتفاؤل والتركيز على كل ما يتعلق بالمستقبل دون النظر للوراء.
إن المزاج المصري كما أصفه، أو العقل الجمعي، أو الحالة النفسية الآن بعد أزمة كورونا لم تعد تتحمل أي شئ يتعلق بتوقف الحياة، أو نشر جرائم سفك الدماء لأسباب تافهة، أو شئ في هذا الإطار، ويجب على الجميع توخي الحذر من الآثار السلبية للكثير من المواد التي لا تفيد فقط سوى في زيادة نسب المشاهدة والتي نحن في غنى عنها تماما.
التعليقات