علم الإحصاءات من العلوم الرقمية، التي لها ثقلها لما لها من مصداقية لأنها مدعمة بالأرقام، في الإحصاءات كل رقم مبني على دراسة، ولا يأتي بشكل عشوائي أو غير مدروس، على العكس أنه علم واضح معزز بالحقائق الحسابية الدامغة، فالإحصاءات لا تكذب عادة.
الحالة الوحيدة التي أستطيع أن أجزم فيها، أن الإحصاءات قد تكذب هو عندما تقاس المرأة بالإحصاءات والأرقام، عندما تُقاس بالأشياء الخارجة عن منطقة نفوذها والأشياء التي لا تستطيع السيطرة عليها وعندما يتعلق الأمر بشكل أساسي بإحصاءاتها، هنا تكذب الأرقام جداً.
على سبيل المثال، عندما يكون سنها دليلاً علي تقدمها في العمر، أو شبابها أو عندما يكون عدم زواجها، بعد أن تعدت الأربعين دليلاً على عنوستها أو عندما تصل لسن ما يجعلها غير قادرة على الأنجاب مثلاً، أو عندما يتم قياسها من خلال مظهر وشكل جسدها أو منحنياته أو عدم انحناءه.
عندما يتم قياسها من خلال ما إذا كانت مسطحة أم مستقيمة أم مستديرة، نحيفة أم سمينة أم ممتلئة، طويلة أم قصيرة ، عندما يتم الحكم عليها وتقييمها بكل واحدة من هذه المؤشرات أستطيع أن أجزم أن الأحصاءات كاذبة وخادعة.
وعندما يتم قياسها أيضاً بكل تلك الأرقام الثلاثية التي تشير إلى أحجامها المختلفة مثل ٣٦-٢٤-٣٦ وعندما تكون عبارة عن سلسلة أرقام بالسنتيمتر وبالبوصة.
في كثير من الأحيان، يتم تصنيف المرأة من خلال جميع المعايير التي تتجاهل أهم حقيقة عنها: كيف هي من الداخل وكيف وهو قلبها وكيف هي روحها وكيف تفكر وما هي الصفات التي تتمتع بها كإنسان نقي ليس كأمرأة فقط.
كل من قال إن الجمال الداخلي ينضح على الشكل الخارجي كان محقًا في رأيي - لقد لخص بشكل غير مباشر حقيقة واحدة، عندما نتحدث عن المرأة تكذب الأحصاءات .
عندما يكون مؤشر الجمال أو القبح عبارة عن مجموعات رقمية، ومتتابعات من العوامل والصفات الجسدية، حقاً تكذب الأحصاءات وتصبح فقيرة جداً بلا أساس منطقي ومجرد أرقام جامدة، لا تصف بشر له مشاعر ويمتلك قلب وعقل وروح، تصبح الإحصاءات علم ركيك يختزل المرأة في أرقام.
أندهش جداً عندما يتم التعامل مع المرأة كشيء يمكن قياسه وليس ككائن حي، أستعجب وينتابني شعور غاضب عندما تُنحي الروح جانباً وتكون الأرقام والقياسات جواز سفر المرأة.
الإحصاءات علم له جذوره وله أيضاً هفواته عندما يقلص من إنسانية الانسان ويحدده بين قوسين كأرقام ونسبة وتناسب، أن الأرقام لا تخذلنا عندما نقيس الأشياء ولكنها تخذلنا جداً، عندما تقيس ما هو أغلي وأثمن من أن يقاس، المعادلات الحسابية ظالمة جداً عندما تتناول البشر.
الأرقام كحسابات بنكية أو معدلات تضخم، أو نمو أو درجات الحرارة أو الرطوبة أو أسعار العملات مناسبة للأحصاءات جداً.
قد أفهم تماماً أن المرأة تصلح كعارضة أزياء أو كموديل ذات وجه جميل، وفي هذه الحالة تصبح مهنتها الأرقام ومن مقوامات النجاح فيها هو الأحصاءات والنسب سالفة الذكر، ولكن من لسن من عارضات الأزياء لا تنطبق عليهن قواعد الأرقام.
يعتريني الحزن الشديد حين يقدم أحدهم علي الزواج ويكون التعليق: العروسة تخينة أو قصيرة أو طويلة، لا أفهم أبداً كيف يمكن أن يفكر العقلاء هكذا، ما فائدة بياض قلوبنا وصفاء نفوسنا أذا كان المجتمع ينظر لما هو ظاهر فقط.
أتمني أن يجتمع علماء الإحصاءات ويستثنوا المرأة ومقايسها من دفاترهم ويتركوها في حالتها البشرية لأنها أنسان وليست شيء يقاس بالمسطرة، وإذا كان ولابد للأحصاءات أن تلعب دوراً، فليخترع علماء الإحصاءات مقياس لقياس بياض القلوب وقياس صفاء النفس والذكاء، وخفة الدم وضمها للأحصاءات وتعميمها لتشمل الرجال كذلك فالمساواة في الظلم عدل أحياناً.
التعليقات