- فاكرة يا منى قبل ما نتجوز قولتيلي إيه "لما باكون معاك بحس ان كل الأبواب بتتفتح قدامنا، وبحس ان الناس كلها بتحترمنا، ومستنية أي كلمة أو إشارة مني." وقولتيلي إنك مبهورة من الجو ده، ساعتها أنا فرحت أوي بالكلام ده ، وقلت هي دي اللي تنفع تبقى مراتي ..
- كنت عيّلة !!
- عايزك على طول تفضلي عيّلة ..هي دي المشكلة
- لا مشكلة ولا حاجة
- أنا كل يوم بكبر وبفهم وبيروح الانبهار وبتبان الحقيقة ..
كان هذا الحوار جزء من فيلم زوجة رجل مهم الذي تم عرضه عام ١٩٨٨ وهو من بطولة ميرفت آمين وأحمد زكي وتاليف رؤوف توفيق واخراج محمد خان.
يعد هذا الفيلم من أفضل الأفلام في تاريخ السينما المصرية ويحتل رقم ٣٠ من أصل ١٠٠ فى قائمة أفضل مئة فيلم في مئوية السينما المصرية.
القصة تلقي الكثير من الضوء على شخصية الضابط هشام ليكون من اكثر الشخصيات المريضة بالنرجسية والتي قام المؤلف وكتب السيناريو في أظهار ملامحها، قام الفيلم بتوضيح الكثير عنها فى العديد من الجمل الحوارية والمواقف .
دعوني أدردش معكم في بعض منها في هذا المقال.
أولاً الشخص النرجسي يبذل مجهودا كبيرا كي يبدو دائماً الأقوى إلا أنه في الحقيقة من اضعف الشخصيات
وذلك لأن إحساس بالأمان عنده لا تولد إلا عندما يكون على القمة وعندما يكون على القمة يكون في أعلى نقطة على سطح الجبل وكل ما يظهر له من مكانه الشاهق المرتفع يكون صغير وغير مهم.
شخصيته تنافسية ولا يمكنها أن تعيش بدون السيطرة وعندما يفشل في فرض سيطرته يتحول إلى وحش كاسر وهو يعاني من ما يسميه علماء النفس نهم القوة.
ونرى هذه المسألة واضحة في الفيلم عندما أطلق الضابط هشام الرصاص على الاب خوفاً من أن تتركه زوجته وخرج عن هدوءه المعتاد عندما فقد منصبه الوظيفي وعندما ضرب البواب.
عندما فقد هشام وظيفته فقد معها جزء كبير او بالأحرى فقد كل مكانته الاجتماعية التي كانت تعطيه الاحترام بشكل تلقائي لحساسية وظيفته وبعد أن انفض المولد وفقدها فقد معها ذلك الاحترام والاهتمام الذي كان يحيط به من الجميع فظهرت بشكل واضح نرجسيته في ردود افعاله مع من حوله فيما يعرف مرض بنهم الاهتمام.
شيء آخر يميز الشخصية النرجسية التي جسدها أحمد زكي ببراعة هو أن كل من حوله موجودين لهدف وهو تحقيق رؤيته وجهة نظره لانه يرى نفسه أقرب ما يكون للكمال وهنا تظهر صفة أخرى لتلك الشخصية وهي نهم الكمال و اعتقادهم الخاطئ أن كل من حوله من اشخاص ما هم سوى تروس وأدوات لتحقيق وجهات نظرهم وأحلامهم وأوامرهم بلا أي تردد أو حتي تفكير او مناقشة، كلهم عليهم السمع والطاعة وهم في فلك يدور حوله ويكون هو محور الحياة.
ومن أبرز السمات التي نراها في كل من هو نرجسي انه يلوم من حوله عند أي فشل ولكن لا يتذكر من حوله في أي نجاح وتقتصر اراءه عن الآخرين في حالة الفشل بأنهم لم يفعلوا ما كان عليهم فعله وبذلك هم السبب الرئيسي والوحيد لأي عواقب او مصائب تحدث اما هو مستثنى من كل ذلك وليس السبب فيه بينما هو وحده صاحب الفضل في أي نجاح.
النرجسي بارع ومذهل في ايجاد المبررات لنفسه واللوم لأي عدد من الناس - فلقد لام هشام الشعب بأكمله في الفيلم.
يوجد أيضا نقطة أخرى من أسوأ ما يتميز بها الإنسان النرجسي وهو ما يعرف بالانعزال العاطفي فهو لا يتأثر بموت أيقونة ما مثل مطرب مثلا كما وجدنا عندما مات عبد الحليم حافظ وسخر هشام من زوجته لبكائها عليه وارتباطها به وبأغانيه وأخذ يستنكر الفتيات الذين انتحرن حزناً عليه فبالنسبة له هو شخص غير جدير بكل هذا الاهتمام وهو لا يتقبل أن يرى الناس مهتمون وملتفون حول شخص آخر غيره فلا يجد سبيل إلا التقليل من ذلك الشخص.
يمتلك النرجسي القدرة على تحويل كل تصرف من الآخرين الي شيء سلبي او هجوم شخصي عليه وهو يمتلك من إقناع الذات ما يجعله يتخيل انه دائما على صواب فيدخل في مشاكل وحروب هي أصلا غير موجودة وتلك هي الجملة التي قالها الصحفي بالضبط لهشام في الفيلم وهي أن الحرب التي يخوضها هي حرب في خياله فقط.
يعد هذا الفيلم مثالاً حياً للنرجسي بكل صفاته التي جسدها أحمد زكي بقدرة فذة علي الأقناع مما يجعني اعتقد في بعض الأحيان انه لم يكن يمثل بالمرة.
كانت منى علي حق عندنا واجهت زوجها وقالت انها في كل يوم بتكبر وبتفهم وبيروح الانبهار وبتبان الحقيقة.
وينتهى الفيلم بأنتحار هشام …
التعليقات