أنا مكدبتش وعمري ما كدبت إلا إذا اعتبرنا الروچ اللي بتحطيه ومرواحك للكوافير كدب، ليه بيقولوا على البنت اللي بتحط روچ أو بتروح للكوافير إنها بتتزوق ومش بتكدب؟ أهو انا عملت كده، مظهري وكلامي عن خالي كان مجرد زواق..تجميل اجتماعي.. أنا بجّمل وضع مليش ذنب فيه ، المجتمع لو عرف ظروفي مش هيسيبني في حالي لأنه بيعتبر ظروفي عيبة '.
العبارات السابقة قالها إبراهيم بطل رواية أنا لا أكذب ولكني اتجمل لإحسان عبد القدوس التي أصبحت فيلماً تلفزيونياً كان بطله أحمد زكي و آثار الحكيم
قال تلك الكلمات لخيرية وهم جالسون في كازينو على النيل مبرراً لماذا اخفى عليها وظيفة والده وانه ' توربي ' في حين أنها من أسرة غنية وراقية.
وترد خيرية عليه مؤكدة أن أصله ومستواه الاجتماعي والمادي ليس عائقاً بالنسبة لها ولكن سرعان ما تكون هذه ردة فعل مؤقتة وفي نهاية احداث الفيلم تتركه وتبقى العبرة في القصة على لسان إبراهيم أن هناك ناس كثيرون يفعلون ما فعله وأنه لا يرى نفسه كاذباً، علي الأقل هو لم يكذب عليها في مشاعره تجاهها إنما هو كان فقط يحاول أن يجمل صورته أمامها .
في حقيقة الأمر أن إبراهيم في الفيلم يوجد منه الكثير في الحياة وهم مجموعة ليست بالقليلة تعتقد أنها تتجمل ولكنها تكذب ويقولون أنصاف الحقائق مثلما فعل إبراهيم بالضبط
هناك خمسة أسباب منطقية تجعلنا لا نقتدي بأبراهيم :
أولا: نصف الحقيقة حتي وأن كان صحيحاً يصبح قاصرا وغير مكتمل مما يجعل قائلي أنصاف الحقائق خداعين وكذلك بلهاء ، فالحقيقة تظهر حتى ولو بعد حين مهما طال الزمان او قصر، أن الدنيا كفيلة أن تكشف الكثير مما نحاول أخفاءه فتتركب أجزاء اللغز وتكتمل الصورة بسهولة أكثر مما يتخيل البعض وتتجلى قدرة الله تعالي حينما يود أن يكشف أمراً ما في صورة قدريات وعلامات وصدف بترتيب رباني بحت.
ثانياً : نحن لسنا بحاجة أن نكذب أو نبرر الكذب لأنه سلوك مريض والأسوأ من الكذب هو فلسفة الكذبة وتحويلها لسيناريو وحبكة درامية وهي أولاً وأخيراً كذبة.
ثالثًا: لماذا نكذب أصلاً ؟ أي شيء يحولنا لكاذبون هو شيء بغيض، أن الصدق أمانة في كل نواحي حياتنا و هو من أخلاق الأنبياء و الصالحين، ولو تحولت الأمور لأقصاء الصادقين أذاً علينا أن نحمد الله علي نعمة الأقصاء.
رابعاً : الكذب للحصول علي القبول الاجتماعى سرعان ما يكشف، وأين عقلنا حين نعطي للناس هذه الأهمية بالكذب لأخذ الرضا والقبول الاجتماعي الزائف؟كل ما سنجنيه من قبول أجتماعي من خلال الكذب أو أنصاف الحقائق هو تمثيلية سيتم أكتشافها.
خامساً: أين الله من هذه المنظومة؟ وكيف لنا أن نكذب لنجمل شكلنا أمام الناس ولا نهتم بشكلنا أمام الله وأمام ضمائرنا و أنفسنا ؟
الخلاصة انا لا اكذب ولكني أتجمل رواية جميلة ولكنها مبدأ مغلوط و تبرير ساذج لفعل قبيح .
فالكدب كدب و انصاف الحقائق كذبات مغلفة في ورق هدايا، قد يكون شكلها جميل من الخارج ولكن جوهرها باطل لا يقبل الجدال .
لماذا نفعل كل هذا الهراء؟ لا شيء في هذه الدنيا يستحق كل هذا ، أنا عن نفسي أفضل الحقيقة القبيحة عن الكذبة الجميلة ولنعلم جميعاً أن شخصياتنا تظهر في تصرفاتنا في الوقت الذي لا يرانا أحد غير الله.
صدق جون وودن حينما قال: لتكن شخصيتك أهم من سمعتك وموضع أهتمامك الأكبر , فشخصيتك هي ما تكونه حقاً , اما سمعتك فهي مجرد ما يعتقد الآخرون أنك تكونه .
التعليقات