في مثل هذا الوقت من كل عام يطرح هذا السؤال نفسه : هل ولد المسيح يوم الخامس والعشرين من ديسمبر كما تعتقد الكنائس الغربية أم ولد يوم السابع من يناير بحسب معتقدات الكنيسة الشرقية ؟
انه سؤال خلافي ويُطرح دوماً ولكل فريق ثوابته في أيهما التاريخ الصحيح .
يقال أن الفرق في التاريخ فلكي بحت والأصل في هذه القصة ان ميلاد المسيح هو يوم التاسع والعشرين من كهيك حسب التقويم القبطي وهو اليوم الذي يبدأ فيه النهار في زيادة ( بميلاد المسيح نور العالم ) والليل في النقصان .
وفي عام ١٥٨٢ أعلن البابا جريجوري بابا روما انه حدث خطأ في الحسابات ليوم مولد النبي عيسى وأن الليل الأطول نهاراً ليس يوم الخامس والعشرين ومن جاء الفرق في التاريخين.
بالنسبة لي كمسلمة لا أهتم بأيهما التاريخ الصحيح ولا تشغلني هذه النقطة بقدر ما يشغلني حدث مولد المسيح في حد ذاته وأشعر دوماً أن الله قد أرسل لنا المسيح وأمه مريم العذراء رحمة بنا أجمعين.
يوجد رباط وثيق بين المسيح والمصريين فالعائلة المقدسة اتخذت مصر مكان تهرب إليه وتأمن فيه على نفسها ويعد مسار العائلة المقدسة في مصر من أكثر الأشياء الدينية التي حين أسمعها أشعر برهبة كبيرة لما لها من دلالات عظيمة.
وصلت العائلة المقدسة من فلسطين إلى مصر عن طريق العريش ووصلوا إلى بابليون أو ما يسمى الآن مصر القديمة ثم تحركوا إلى الصعيد ومكثوا فيها فترة وبعد ذلك مروا بالدلتا مارين بسخا و أكملوا الطريق من سيناء لفلسطين كما جاءوا.
كانت مدة رحلتهم ثلاث سنوات وعشرة شهور ومرت بخمس مراحل وتسعة وعشرون محطة ككنيسة أبوسرجة والكنيسة المعلقة بمصر القديمة وكنيسة العذراء بالمعادي والمطرية وبأديرة وادي النطرون الثلاثة: الأنبا بيشوي السريان الباراموس، دير المحرق بجبل قسطاط أسيوط ودير العذراء بجبل درنكة.
الدير الأخير فيه المغارة التي عاشت فيها العائلة المقدسة وتوجد فيها كنيسة العذراء مريم وهي من أقدم الكنائس في العالم المسيحي حيث بنيت سنة ثمان وثلاثين ميلادية.
من مسار الرحلة نرى ان المسيح والعائلة المقدسة مروا بمصر طولاً وعرضاً وساحوا فيها فكانوا أول السائحين واعرقهم على مر الزمن.
ومن الجدير بالذكر أن الفاتيكان يضع مصر على خريطة السياحة الدينية بسبب مسار العائلة المقدسة فيها ويعتبرونه مكان مبارك لزيارة والحج.
لكل ما سبق عندما تأتي ذكرى ميلاد المسيح عليه السلام استشعر أننا في يوم عظيم حدثت فيه معجزة ارتبطت بمعنى السلام الذي نحن في أشد الحاجة إليه اليوم، لقد جعل الله السيد المسيح رمز للسلام في العالم وقال على لسان السيد المسيح: والسلام عليّ يوم ولدت ويوم اموت ويوم ابعث حيا.
لهذا السبب أنا اشعر دائما أن الاحتفال بميلاد السيد المسيح غير مقصور على المسيحيين فقط وأن الاحتفال به لا يعني القناعة بالديانة المسيحية، الموضوع أعمق من ذلك بكثير فهذا اليوم مرتبط بالشخصية الجليلة التي ولدت فيه.
المهم وبدون الدخول في تفاصيل كثيرة بخصوص هل المسيح أبن الله أم المسيح نبي وهل صُلب ام رُفع تبقى حقيقة لا مجال للشك فيها وهي أن السيد المسيح شخصية غيرت العالم وهو رمز السلام عبر الأزمنة.
في هذا اليوم من كل عام وفي وقت قداس عيد الميلاد خاصة أتذكر أغنية فيروز الخالدة:
ليلة عيد ليلة عيد الليلة ليلة عيد زينة و ناس صوت جراس عم بترن بعيد
ليلة عيد ليلة عيد الليلة ليلة عيد صوت ولاد تياب جداد و بكرا الحب جديد
عم يتلاقوا الأصحاب بهديي خلف الباب ، في سجرة بالدار و يدوروا ولاد صغار
و السجرة صارت عيد و العيد اسوارة بأيد و الأيد تعلق عالسجرة غنيي و عناقيد.
مهما اتفقنا او اختلفنا بخصوص المسيح سنظل دائما متوحدين على حبه وحب أمه السيدة العذراء مريم أم النور وصاحبة الكرامات التي تجمعنا دوما على اختلاف دياناتنا وعقائدنا.
ميري كريسماس يا اصدقائي مسيحيين كنتم أم مسلمين.
عيسى نبي وموسى نبي ومحمد نبي وكل اليّ ليه نبي يصلي عليه.
التعليقات