المجتمع يسير بخطوات لاهثة للخلف دُر، بعضنا صار يلعب دور المحتسب، وكأن «هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر» التى أنهت المملكة العربية السعودية تواجدها، وجدت لها فرعا على أرض المحروسة.
ما جرى ويجرى يستحق أن ننتفض كلنا لندافع عن حقنا فى الحياة، الخطر يبدأ من الاستسلام لهذا الصوت الذى يقدم لنا بين الحين والآخر رسائل ترتدى ثوب الفضيلة بينما هى تكره الحياة، فى بعض القضايا الاجتماعية، يجب أن يتحرك المسؤول، فإذا كان وكيل وزارة التربية والتعليم اعتبرها مخالفة، فلماذا لا يتدخل رئيس الوزراء لإيقاف تلك المهزلة، التى يرانا فيها العالم مجتمعا متجهما، يصادر النكتة والقفشة والغنوة والرقصة، وبالمناسبة المجتمع المريض هو فقط الذى يتأبط شرا عندما يعلو صوت الضحكة.
عدد من الزملاء يلقى باللائمة على (السوشيال ميديا) لأنها نشرت الصورة، وكأنهم يؤكدون أن هناك خطـأ كان يجب التستر عليه.
ما حدث هو العادى جدا، رحلة نيلية تباسط فيها الجميع، تماما مثلما تشارك بالرقص فى فرح زميلك، وحتى لو صورك أحدهم مقتحما حقك فى الخصوصية، إلا أنك لم تفعل ما يستوجب أن تخجل منه، الرئيس أنور السادات نشر فى نهاية السبعينيات صورا له وهو يحلق ذقنه مرتديا ملابسه الداخلية، الرسالة التى أرادها واضحة أنه فقط إنسان.
تتذكرون فيلم «خاللى بالك من زوزو»، شخصية زوزو (الفتاة المثالية) المتفوقة فى الدراسة، وأمها الراقصة المعتزلة (نعيمة ألماظية) تحية كاريوكا، عندما تعثرت الأم وأرادوا السخرية منها رقصت (سعاد حسنى) بدلا منها.
المجتمع المصرى قبل نصف قرن انحاز إلى موقف سعاد، وحقق الفيلم إيرادات تعتبر من الأعلى طوال تاريخ السينما المصرية، أزيدكم من الشعر بيتا، (زوزو) استوحاها المؤلف صلاح جاهين والمخرج حسن الإمام من شخصية الكاتبة الصحفية بهيرة مختار، أمها الراقصة نبوية مصطفى وأبوها بطل رفع الأثقال العالمى مختار حسين، ورحبت بها جريدة الأهرام كاتبة فى زمن محمد حسنين هيكل.
دعاة الفضيلة الشكلية يعتقدون أن المعلم يجب عليه أن يظل متجهما 24 ساعة فى اليوم.
أفضل محاضرات فى سنة أولى معهد السينما، هى تلك التى قدمها لنا فى الثمانينيات كل من يوسف شاهين ومحمود مرسى، لأنهما كسرا هذا الحاجز الوهمى بين الأستاذ والتلميذ، لم يهتم أى منهما بالحضور الجسدى، ولكن الحضور الفكرى، فلم يكن هناك أى إجبار لمتابعة المحاضرة، المدرج دائما كامل العدد، طلبة السنوات النهائية، ينضمون لنا، حتى الانفلات اللفظى ليوسف شاهين، تعاملنا معه باعتباره من ملامحه (خِلقة ربنا). ما الذى حدث للمجتمع حتى صار متفرغا لتصدير الفضيلة الزائفة، المعلمة لم تفعل شيئا مخجلا، نعم (السوشيال ميديا) لا يحق لها نشر الصورة بدون إذن، تلك قضية أخرى، علينا أساسا أن نوقن أن ما رأيناه لا يشكل أى إهانة لمهنة التعليم ولا لصورة المعلم.
أتذكر أحد الشيوخ المعممين، التقى قبل نحو 10 سنوات بشعبان عبد الرحيم والتقط معه صورة اعتبروها تنال من وقار الشيخ، بينما هناك قارئ للقرآن غنى بلباسه الأزهرى رائعة أم كلثوم (لسه فاكر)، فصارت عند البعض مخالفة مزرية.
المجتمع عليه التحرر من تلك الشكليات، كلنا مع اختلاف الجنسيات والأديان والثقافات (نعيش ساعة لقلبك وساعة لربك)، وحتى تخلص لربك يجب أن تُنصت أولا لقلبك!!.
التعليقات