بدايةً، هذا العنوان مأخوذ عن فيلم كتبه محمود دياب وأخرجه الفلسطينى غالب شغث (الظلال على الجانب الآخر) عرض قبل نصف قرن بطولة نجلاء فتحى ومحمود ياسين.
كل ما يمر بالوطن من أحداث كبرت أم صغرت، صرنا نراه من خلال زاوية رؤية محددة وهى: أين نحن، ما هى المكاسب المنتظرة أو الخسائر المحتملة، وبعدها نحدد الموقف؟
مثلًا ما صار يحمل عنوان (قانون الإيجار القديم)، الذى أراه بمثابة قنبلة موقوتة لإثارة معارك طاحنة داخل الوطن الواحد، فما جمعتهم الحياة ورقعة الأرض واللغة والعادات والتقاليد والآمال المشتركة، سيفرقهم قانون الإيجار.
حريق سنترال رمسيس، هناك من يراه بداية خيط لحرائق قادمة، ووضع مبنى (ماسبيرو) العريق فى المقدمة، غضضنا الطرف عن الكارثة، إن مصر مثلما تغرق فى شبر ميه عندما نواجه بأمطار، بدلًا من أن نعتبرها مصدر رزق ورسالة حب من السماء، نكتشف أن شوارعنا غير مهيأة لاستقبال أى هدايا، نتعامل معها باعتبارها لعنة من السماء، وهكذا عشنا ولا نزال شللًا فى الاتصالات والتعاملات البنكية.
سرقة لوحة الفنانة الدنماركية ليزا، وجدها البعض فرصة لكى يقول (مش قلتلكم وماحدش سمع كلامى). هناك مطالبة يراها البعض تحمل كل المنطق، بما أن السرقة الشهيرة للوحة غادة والى، كان مسرح الجريمة هو برنامج (معكم منى الشاذلى) قبل نحو ثلاث سنوات، والثانية كذلك، تصبح منى هى الفاعل الحقيقى، وكأنها تتعمد اختيار الضيوف الذين يشوب إبداعهم الكثير من اللغط. الغريب أن الحكم النهائى ضد غادة لم يتجاوز غرامة ١٠ آلاف جنيه مصرى، أى إنه نظريًا ليس حكمًا رادعًا، ولكن الفضيحة (أم جلاجل) التى ينالها السارق تظل تلاحقه طوال عمره.
واجهت كل منهما الكثير من السخرية، وصار توصيف (الستات ما يعرفوش يرسموا) إحدى الصفات التى تطلق منذ الآن على (الستات)، أحد الزملاء تذكر كم تعرض أثناء عمله لادعاءات نسائية ضده، وقرر إعادة فتح ملف عمره ربع قرن، ليؤكد أن الستات أيضًا ما يعرفوش يشتغلوا بالصحافة، وما تتطلبه من جلد ودأب.
مذيع مخضرم كتب: لماذا عندما سرق أحدهم برنامجى لم يتحرك أحد؟ هناك مثلًا بعض النجمات الجدد وأيضًا المخضرمات، وجدن أن الفرصة صارت عند أطراف أصابعهن، ولم يتوانوا فى إرسال جرعات مديح فى أحمد السقا الذى صار هو نصير كل المعذبين فى الأرض. أرسل بعضهم (بوست) لأحمد السقا تأييدًا، مؤكدين أنه (فيه شىء لله)، وهكذا نصره الله، وفضح من أرادت فضحه.
هناك أيضًا بعض المذيعين والمذيعات، يشعرون أنهم صاروا خارج الخريطة بينما الأقل موهبة يعمل، قناعتهم الراسخة أنهم الأكثر ثقافة، والتزامًا، وحضورًا، ولكن لا أحد يفكر فى الاستعانة بهم. صعود مها الصغير والتعاقد معها على تقديم برنامج ضخم للسهرة- ملحوظة تم تأجيله- سبقته دعاية ضخمة، أيقظت بداخلهم كل تلك التساؤلات، وهو ما يتكرر غالبًا عند الإعلان عن أى عمل فنى جديد، من يجلسون على (دكة) الاحتياطى يعتقدون أنهم بكل المقاييس الأفضل، ولكنها (الكوسة).
تلك المشاعر، لا أستطيع وأنا مطمئن أن أنفى عنها شيئا من الصحة، ولكنها لا تتمتع مؤكد بكل الصحة. هناك عدد من المبدعين فقدوا القدرة على تحديث أدواتهم، الأبجدية تغيرت فى كل مفردات العمل الفنى مثل الكتابة والإخراج والتصوير والمونتاج والتمثيل والإعلام، والبعض لا يستطيع هضم مفردات العصر، ولهذا يفوتهم القطار، ولا يزالوا منذ تلك اللحظة واقفين على المحطة.
الكل كما ترى يغنى على ليلاه أو مصيبتاه، ولا يعنى ذلك أن السرقة ليست جريمة مخجلة، إلا أننا عادة لا نتناول الجريمة بكل تداعياتها، ولكن ما يستحوذ على الاهتمام هى تلك الظلال على الجانب الآخر!!
التعليقات