هل فكرت يومًا في هذه الحقيقة البسيطة:
أن الطريقة والتصّور التي يراك بها الآخرون قد تختلف تمامًا عن الطريقة التي ترى بها أنت نفسك؟
نحن نعيش هذه الحقيقة كل يوم وأصبحت جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية.
في تجربة عملية فريدة واقعية ثبت أننا جميعاً أجمل مما نعتقد .
تبدأ هذه التجربة من خلال إجتماع مجموعة من النساء اللواتي لا يعرفن بعضهن البعض في غرفة إنتظار، يجلسن فيها كلهن وبعد فترة وجيزة يطُلب منهن الدخول إلى غرفة واحدة تلو الأخرى.
هذه الغرفة بها ستارة تفصلها الي قسمين، من جانب تجلس أحدي السيدات السابق ذكرهن وفي الجانب الآخر يجلس رسّام طب شرعي مع لوحة أمامه ومجموعة أقلام (رسّام الطب الشرعي هو الشخص الذي يمكنه ان يرسم رسم تخطيطي بالوصف اللفظي لوجه أي شخص بدون رؤية الشخص أمامه - وهو غالبًا ما يُستخدم لتحديد وجوه وأشكال المجرمين من الشهود الذين رأوهم ليسهل التعرف عليهم ).
عندما تدخل كل سيدة تجلس خلف الستارة ويبدأ الرسّام في طرح أسئلته عليها مثل: أخبريني عن شعرك ماهو شكله، صفي لي ذقنك، ماهو شكل فكك ، ما هي أبرز سماتك وما إلى ذلك ... وتجيب كل امرأة خلف الستارة علي الأسئلة المطروحة عليها ومن أجاباتها يرسم الرسّام صورة ( أو اسكتش ) يترجم ما تراه في نفسها من صفات شكلية وبمجرد أن ينتهي من الرسم، يشكر السيدة ويطلب منها مغادرة الغرفة دون أن يراها.
بعد لحظات قليلة، تدخل امرأة أخري الغرفة و يطلب منها الرسّام أن تصف له السيدة التي خرجت للتو( والتي رأتها أيضًا في منطقة الأنتظار وكانت جالسة أمامها ). ثم يرسم رسمًا آخر لنفس المرأة بعد أن يسأل نفس الأسئلة للسيدة التي تصف المرأة التي كانت أمامها.
بنهاية جلسة الرسم يكون لكل امرأة صورتان، إحداهما وصفتها بنفسها عن نفسها والأخرى وصفها شخص آخر عنها.
بعد تكرار هذا مع كل السيدات اللواتي كانوا يجلسن في غرفة الأنتظار يتم تعليق جميع الصور في صالة كبيرة.
وبعد لحظات يتم دعوة جميع النساء إلى الصالة الكبيرة وفيها صورتان لكل منهن و يتم وإزالة الستارة ويرون صورهن معلقة بجانب بعضهم البعض ويتعرفن علي بعض أكثر.
كانت النتائج مذهلة:
- كل الصور التي تم وصفها من خلال أصحابها بدت مختلفة تماماً في تفاصيلها ودقتها عن الواقع في حين بدت صور النساء الموصوفة من خلال عين أخرى أقرب إلى الواقع ومشابهة جداً الي السيدة نفسها.
- كل السيدات اللواتي شاركن في هذه التجربة دون أستثناء لم يحتضن جمالهن الطبيعي بل ذكروا التعليقات التي طالما سمعوها من الآخرون عن مظهرهن وشكلهن.
عند عرض كل الصور أصطفت كل سيدة أمام صورتيها وسئل جميعن سؤالاً واحداً والصورتين أمامهن: هل أنت أجمل مما تعتقدين ؟ كانت الإجابة نعم من ١٠٠٪ من النساء اللواتي شاركن في هذه التجربة.
اذا نظرنا لهذه التجربة ومغزاها نري جلياً أن النساء غالبًا ما يميلون إلى إصلاح كل ما لا يعجبهن في أنفسهن ويصبحن واعين جدًا به لدرجة تمنعهم من رؤية أنفسهن حقاً وأن هذا التفكير يستنزفهن بينما يجب أن يأخذن الوقت الكافي لتقدير ما يعجبهن في أنفسهن أكثر مما يكرهن.
نفذت هذه التجربة الإنسانية شركة منتجات للبشرة و الجسم تحت اسم Real Beauty Sketches وأعتقد أنها تجاوزت كونها حملة تسويقية، إنها تجربة إنسانية حقيقية أثبتت تقنيًا وإحصائيًا ومن خلال النتائج أن: أنتِ أجمل مما تعتقدين.
تبقي حقيقة بيّنة وهي أننا نقسوا كثيراً علي أنفسنا سواء بدون قصد أو بدون قصد وفي ذلك تظل النتيجة واحدة: أننا نقلل من ما نحن عليه و نعتقد ما ليس فينا و لا نستمتع أو نقدر أنفسنا حق تقديرها وننتقد بطريقة تصل أحياناً لجلد الذات.
بعد لحظات من التفكير الواعي من خلال هذه التجربة سندرك أنه الأولي والأجدر بنا أن نري شكلنا الحقيقي بكل ما فيه دون التركيز علي مالا يعجبنا أو ما قاله الأخرون عنا، التركيز علي مالا يعجبنا يغلق أعيننا عن جمالنا الواضح ويسحب منا الثقة في أنفسنا وتصبح أعين الأخرين أكثر حنوناً علينا من أنفسنا و في ذلك نحن لا نظلم أنفسنا فحسب ولكن ننسي تماماً أننا أسكتشات ولوحات جميلة تراها عيون الأغراب أجمل مما تراها عيوننا أو بمعني أدق جمالنا في نظر الناظر ينصفنا أكثر ما ننصف نحن أنفسنا.
وتبقي حقيقة واحدة: أننا أجمل بكثير مما نعتقد
التعليقات