أسوان مدينة تقع في جنوب مصر على بعد حوالي ٦٨٠ كيلومتراً من العاصمة القاهرة وتشتهر بمعابدها التاريخية وأجمل المواقع المطلة على نهر النيل، وقد كانت أسوان ولازالت بوابة إفريقيا ومركزاً تجاريًا مهماً.
تعتبر أسوان كذلك مدينة سياحية من الطراز الأول وتشتهر بمطاعمها العائمة التي تقدم الموسيقى النوبية والمأكولات البحرية الطازجة من النيل مباشرة الي طبقك.
لقد زرت أسوان ثماني مرات وفي كل مرة أذهب هناك ( بغض النظر عن مدة مكوثي فيها ) لا تكفيني هذه الأيام مهما بلغ عددها ودوماً أود مد أجازتي لأبقى بضعة أيام أخرى.
من بين جميع الأماكن الرائعة هناك ومع مئات أو حتى آلاف السنين من التراث والتاريخ الشامخ في أسوان، هناك بقعة واحدة هي المفضلة لي، والقصة وراءها تأسرني لأنها قصة حب حقيقية.
هذه القصة الخالدة واحدة من أنبلهم وأكثرهم رقة في القرن العشرين في رأيي.
هذا المكان هو ضريح آغا خان وقصة الحب هي تلك التي كانت بينه وبين زوجته.
يعتبر ضريح الآغا خان "تاج محل المصري" كما يقولون رغم أنه ليس كبيراً مثله، ولقد بنى بحجر جيري وردي، بجوار النيل مباشرة على طراز المقابر الفاطمية في القاهرة ويمكن رؤيته من نواحٍ مختلفة.
تعود قصة هذا الضريح العظيم إلى عام ١٩٣٠ عندما التقى السير سلطان محمد شاه آغا خان الثالث بحب حياته إيڤيت لابروس.
كانت إيڤيت لابروس سيدة فرنسية عاشت مع عائلتها في كان وليون وفي سن الرابعة والعشرين أصبحت ملكة جمال ليون وبعد عام واحد فقط تم تسميتها ملكة جمال فرنسا.
كملكة جمال كاتت إيڤيت تمثل بلدها في جميع أنحاء العالم وزارت العديد من البلدان لكنها كانت مولعة بمصر على وجه التحديد وفي أواخر الثلاثينيات انتقلت للعيش فيها بشكل دائم.
في أكتوبر ١٩٣٥ في حفلة راقصة أقامتها سيدة أرستقراطية مصرية، كان الأغا خان هناك كواحد من الضيوف البارزين (تم تصنيفه كأغنى رجل في العالم في ذلك الوقت) وتمت دعوة إيڤيت أيضاً وبأبتسامة أولى بين "Miss France" و "The Prince" ، حدثت شرارة الحب لتقدم قصة أسطورية من الحب والإخلاص.
وفي شهر أكتوبر ١٩٤٤ قبل أنتهاء الحرب العالمية الثانية مباشرة تزوج الآغا خان و إيڤيت في سويسرا بفارق ٢٩ عامًا بينهما في العمر.
منذ زواج إيڤيت من آغا خان، إشتهرت بأسم جديد وهو "البيجوم أم حبيبة".
طوال سنوات زواجهما، اعتادا قضاء الشتاء في أسوان لأنها كانت معروفة بطقسها الدافئ الذي كان لازمًا لعظام الآغا خان وفقًا لتعليمات الأطباء.
ولذلك تم بناء قصر للزوجين هناك على هضبة في النيل تطل من جهة على قصر الملك فاروق (المعروف الآن باسم فندق كتاراكت) ومن الجهة الأخرى تطل على مقبرة يونانية رومانية ومعبد ست.
وفي وقت لاحق، تم بناء الضريح بجوار القصر بمقبرة مصنوعة من الرخام الخالص.
قبل وفاة آغا خان بفترة وجيزة، اختار مكانًا للراحة الأبدية على الضفة الغربية لنهر النيل حيث أراد أن يُدفن آغا خان.
بعد وفاة الآغا خان في جنيف عام ١٩٥٧ودفنه حسب وصيته، تولت البيجوم أم حبيبة مهمة بناء الضريح في ١٦ شهرًا فقط مع المهندس المعماري فريد الشافعي والمقاول حسن درة - وهما من أشهر الشخصيات في العالم في مجال العمارة و البناء.
منذ أن مات آغا خان، كانت زوجته المخلصة تذهب وتضع وردة حمراء على القبر، وكان وضع هذه الوردة طقساً يومياً تقوم به وهي في أسوان، وفي حال سفرها طلبت من البستاني أن يستمر في وضع الوردة الحمراء بشكل يومي حتي عودتها.
تقول القصة أنها عندما كانت تعود إلى أسوان من سفرها، كانت تستقل قاربًا نيليًا بشراع أصفر بدلاً من السفن ذات الأشرعة البيضاء الشائعة لتخبر أهل أسوان أنها لم تنس زوجها الحبيب أبداً وأنها قد عادت لتضع وردة الحب الحمراء الرمزية على قبره.
استمرت أم حبيبة في فعل ذلك لأكثر من أربعين عامًا حتى توفيت عن عمر يناهز ٩٤ عاماً في الأول من يوليو عام ٢٠٠٠ ودُفنت بجانب رفيقها وحب حياتها.
يروي ضريح الآغا خان قصة حب دائم حقيقي، ويخبرنا إرث الوردة الحمراء الكثير عن قصة عشيقين وقصة حب استثنائية.
أنا شخصياً أعتبرها قصة أسطورية وملهمة يتجلى فيها كيف للحب أن يحيا حتى بعد وفاة المحب أو المحبوب.
أنا أعتبر هذه القصة قصتي المفضلة من كل كتب القصص الرومانسية في كل العصور - قصة وُلدت وعاشت في بلدي مصر في أسوان على ضفاف نهر النيل العظيم.
التعليقات