وإنى مازلت لا أعتاد على ابتعادك والحنين إليك إلى ذلك الحد الذى يؤلم جزيئات قلبى ويعوق أنفاسى، فلا أقوى على اشتياق ملء حجم الأرض، وعوضا عن حرمانى منك دومًا ألقاك بمنامى، وليت على الأحلام سلطة كنت ما خرجت منها أبدًا.
بالحى الشعبى والمعمار القديم كنا نتقابل خلسة بعيدًا عن الأعين، لحظات مسترقة من الزمن الجميل، تقطن سعاد بالطابق العلوى من المنزل وعلى سطح المنزل كم تقابلنا فى الخفاء خشية أن يرانا الجيران، أذكر ذلك اليوم كنت أحمل بيدى قطعة الشيكولاتة التى تحبها سعاد وربط إياها بوردة تفوح منها رائحة الشوق، بينما عطر سعاد كان يملأ المكان قبل أن تقبل عليه، أنتظر مناداتها بهمس ناطقة بإسمى "عاصم"، رفقًا يا سعاد رفقًا حبيبتى، أحببت إسمى وتنهدت كلما ناديتنى.
- سعاد "بصوت منخفض": عاااصم.
- عاصم "بعين لامعة": حبيبتى اتأخرتى ليه.
- سعاد : معلش ماما سابتنى بالعافية.
- عاصم : غمضى عينك جايبلك حاجة بتحبيها.
- سعاد "مغمضة عينيها": أهوه.
- عاصم : افتحى كده.. عنين دول ولا نجمتين.
- سعاد "بدلال": الله يا عاصم الشوكولاتة اللى بحبها وإيه الوردة الجميلة دى.
- عاصم "بنظرة عاشق": جميلة زيك يا سعاد.
وفجأة !!!؟
يا سعاد يا سعاد هاتى الطبلية وحطى عليها الأكل زمان أبوكى راجع من الشغل، تلاقيه يا عينى على لحم بطنه من الصبح.
- سعاد : يا لهوى ماما بتنده عليا طب سلام بقى دلوقت يا عاصم.
- عاصم : إستنى بس، هشوفك تانى إمته.
- سعاد : بالليل بالليل سلام بقى يالا.
عجبًا، دائما كل ما هو جميل سرعان ما يمر، مرت الأيام وتزوجت سعاد برجل آخر وسافرت معه للخليج العربى، وإسودت الدنيا بوجهى كيف لك يا سعاد أن تكونى لغيرى، كيف لرجل آخر أن يمسسك، أن تكونى له، أنتِ الآن لستِ لى، ليت دقات قلبي تتوقف عن نبضها لأجلك، ليتنى أخرجتك من كيانى ودمى، ها قد مضت سنوات ومازلت أقف على سطح المنزل أنتظرك.
اليوم حدث شئ غريب ظهرت أمامى طفلة تبدو فى الخامسة من عمرها بينما كنت بالمكان المحبب لقلبى (سطح المنزل) ومعى قطعة الشوكولاتة، اقتربت الطفلة فرأيت عينان أحببتهما منذ عهد، أعرف تلك العينان، تلك النظرات وشعرا مثل سواد الليل إنها هى؟! أجل إنها سعاد الأخرى، أعطيتها قطعة الشوكولاتة وأخبرتها أنها تملك عينان كالنجمتان مثلما أخبرت أمها من ذى قبل، أجل عادت سعاد بعد وفاة زوجها، لن أتركها هذه المرة، لن أدع قلبى يحترق من جديد، كتبت لها تلك الرسالة التى أوصيت إبنتها أن تسلمها لها...
" كنتُ وفيا لكِ طيلة حياتى فهل لكِ الآن أن تتزوجينى؟".
وتزوجت بسعاد وها أنا الآن أدون ما حدث حتى تعد سعاد طاجن البطاطس باللحمة.. سعاد! هل وضعت السكر بين قطع اللحمة التى بالطاجن أم أنها أناملك التى لامستها، آه يبدو أنها أناملك.
التعليقات