كيف ستبتسم وأنت فارغ من الداخل كالإناء الأجوف، هش الروح، معتم كالظلام الدامس، انطفأت كل أنوارك، كيف تكون مثل الأكذوبة المريحة، فى الصباح تضحك للآخرين و فى المساء تنصت باهتمام إلى ثرثراتهم، وبين وجودية الآخرين المفرطة لا تجد حياة، أن تزيح تلك الغصة التى تفتت خلايا قلبك وتكاد أن تفتك به، أن تتعامل وأنت بلا روح، وأنت بلا شئ، و أنت بلا أنت... كيف؟
أحيانا نرهق أنفسنا بالتمسك بأشخاص لم تتمسك بنا، لم تفعل من أجلنا شيئا سوى أنها اهلكتنا، فلا تبكى يا زهرتى البريئة لا تبكى على من لا يستحق البكاء، خُلقتِ لتسعدى، فما أجمل الحياة حين تبتسمين، أنتِ جميلة يا كاميليا كجمالِ زهرة التوليب المفعمة بالألوان والحيوية، عند الحديث عن كامليا لا يسعنى دفتر بأكمله، تلك المرأة التى أحبت زوجها حباً جارفاً ولكن كل ما اقترفته من ذنبٍ أنها لا تُنجب، ذلك الشئ الذى لا يُغفَر للمرأة فى مجتمعٍ يمكن أن يغفره للرجل، آه يا كاظم كم أنت أنانى؟!..
لم يكن حب كامليا لزوجها كاظم حباً عادياً، كانت من فرط ما تشعر به من شغفٍ نحوه تشعر وكأنه نساء الأرضِ يتفتتن شغفاً به مثلها، هو الزوج والحبيب والإبن والصديق، أتدرون ما معنى أن تحب إمرأة إلى ذلك الحد الذى يجعلها تتحمل سخافات العالم من أجل رجل، و إن تحدثنا عن السخافات نذكر والدة زوجها التى طالما حدثتها عن من تزوجوا من قبلها وأنجبوا صغاراً أعزاء، وتلك الجارة الحمقاء التى تخفى أطفالها خوفاً أن ترمقهم كاميليا بنظرة حاسدة، إلى غير ذلك من السخافات التى كانت تعصف بكاميليا، فيا أيها العالم رفقاً بإمراةٍ لم تنجب فهى أم لكل من أنجبناهم، و تلك هى رسالة كاميليا لكاظم كتبتها له قبل أن تترك البيت وترحل فور علمها بزواج كاظم من أخرى:
" قد أبدو وكأننى على ما يرام، ولكن هل لك أن تخبرني كيف تبدأ الصباحات بدونك؟! كيف تكون الكلمات؟! كيف تصير الأمسيات؟!.. ليتك تعلم أن الحنين إليك مؤلم للغاية، وأن افتقادك شئ أشبه بالموت،،، كاظم! عساك تعلم أنى قضيت جميع أعوامى وأنا أحبك."
التعليقات