في وقت تجري فيه المفاوضات الإيرانية الأمريكية بوساطة عمانية وتدخل مرحلتها الثالثة والأخيرة في روما. تفاجئنا بحادث إرهابي داخل كشمير الهند بمقتل 25 سائح على يد من أسمتهم الهند (بجماعة باكستانية إرهابية). تزامنا مع تقارير اقتصادية تشير إلى أن النمو الاقتصادي لمجموعة البريكس فاق مجموعة G7. مع زيادة السوق الذي تسيطر عليه البريكس. وتزامنا مع العزلة الاقتصادية التي تعيشها إسرائيل كأثر مترتب على العزلة السياسية، بسبب سياسات نتنياهو غير المدروسة والمتهوره داخليا وخارجيا .والتي بدات من قبل أحداث 7 أكتوبر وازدادت تهوراً على مدار 15 شهرا من حرب غزة.
الأزمة بدأت من باكستان
في مايو 2022 وقف رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان وسط حزبه ومؤيديه وقال "اليوم أعلن عدم الولاء للولايات المتحدة الأمريكية وأطمح للوصول بباكستان إلى مكانة داخل عالم جديد قررت روسيا والصين خلقه". مما دفع بالبرلمان الباكستاني الذي يدين بالولاء للولايات المتحدة و70% من أعضائه يحملون الجنسية الأمريكية إلى عقد جلسة سحب ثقة من حكومة عمران خان. ولكنهم فشلوا في البداية فاضطروا فيما بعد إلى إلصاق بعض التهم الزور لعمر خان وسجنه لمدة 14 عاما، بتهم شملت استغلال السلطة والفساد المالي والإداري ليتم استبعاده بعدها من رئاسة الحكومة. بهدف أن تبقى باكستان برلمانا وجيشا تحت النفوذ والسيطرة الأمريكية. والمفارقة أن الولايات المتحدة لم تتأخر في إرسال قاضي يحمل الجنسية الأمريكية من أصول باكستانية قضى عمره داخل أمريكا. وتقريبا لم تطأ قدماه أراضي باكستان إلا حين تمت محاكمة عمران خان.
مما يبقي باكستان أراضي تابعة للهند تاريخيا وقابعه تحت النفوذ الأمريكي سياسيا. بعد جلاء الاحتلال البريطاني عن شبه القارة الهندية عسكريا. والذي ابى أن يرحل إلا بعد أن يترك باكستان والهند دولتين منفصلتين تصل بينهما مدينة كشمير كبؤرة صراع ساخن يمكن إشعالها في أي وقت لجر الهند وباكستان إلى حروب نووية كالتي تلوح بظلالها الآن في مدينه كشمير السياحية حيث تمتلك الهند منها مساحة 20% والباقي أراضي تحت النفوذ الباكستاني والإيراني والصيني. وهذه هي سياسة المحتل البريطاني الذي رفض أن يخرج من المنطقة إلا وتاركا خلفه بؤر صراع على حدود دول كبرى. بهدف حماية إسرائيل وقت اللزوم وتهدد مصالح الدول الأخرى في اي وقت.
الهند ضحية الخدعة الأمريكية
في حقيقه الأمر لم تفوت الولايات المتحدة فرصة أن تزرع رموز موالية لها داخل الهند عبر تصدير بعض الأحلام للهند ومنها وعود أمريكية على لسان الرئيس ترامب في ولايته الأولى عندما قال إن الهند هي البديل المحتمل للصين تجاريا بما تمتلكه من إمكانيات بشرية وتقنية بالإضافة إلى أنها دولة نووية. والملفت أن هذه هي سياسة العديد من رجال البيت الأبيض بدءا من الرئيس جورج بوش وصولا إلى الرئيس ترامب الذين يعتقدون بأن الهند ستكون الشوكة التي يتم غرسها في ظهر الصين وقتما أرادوا. الأمر أشبه بما يحدث الآن من قيام أمريكا بفرض جمارك على الصين.
ولكن يبدو أن السحر انقلب على الساحر وأصبح سيف الجمارك مسلط على رقاب الأمريكان بعد تصريح المسؤولة الصينية بأن "القبعة التي يرتديها الرئيس ترامب صناعة صينية وأن أمريكا أنشأت العديد من المصانع داخل الصين". ولا اعتقد أن أمامها الوقت الكافي لسحب هذا الكم الهائل من المصانع إلى داخل الأراضي الأمريكية عبر قرار أمريكي بفرض جمارك وصفه خبراء الاقتصاد بأنه ارعن. بالنهاية الصين هي أكبر دائن للفيدرالي بعد أن قام زعيم الصين بشراء أكبر كم من السندات الأمريكية خلال فترة رئاسة كلينتون. والدليل على ذلك أن ترامب الآن هو من يتراجع في فرض الجمارك على الصين ويستثني بعض المنتجات الهامة بخلاف الخسائر التي تكبدتها البورصة الأمريكية فور إعلان هذا القرار. وفي اعتقادي اننا قريبا سنشهد اعلان امريكا ان واشنطن تعاني من "ازمه في بيض الدجاج" لتكون ذريعه للرئيس ترامب للرجوع عن قراره في فرض الجمارك على فنزويلا التي تؤمن له ما يريد من الانتاج الحيواني.
الهند هي ملاذ إسرائيل تجاريا وعسكريا
خلال ازمه الحريديم في اسرائيل وهم فئه اليهود المتشددين ورفضهم الانضمام لصفوف الاحتياط في الجيش الاسرائيلي بعد محاولات فاشله قام بها نتنياهو لتعويض النقص الحاد في عدد جنود جيشه خلال 15 شهر من ازمه غزه. استنزفت اسرائيل اقتصاديا وعسكريا ونتج عنها انشقاق ضرب صفوف جيش الاحتلال اخرهم كان اعلان 1000 ضابط طيار في الجيش الاسرائيلي التمرد رافضين استئناف حرب غزه بعد تأكدهم من ان نتنياهو يستخدمهم في تصفيه حساباته السياسيه وإطالة أمد الحرب. وان هدفه الحقيقي ليس تحرير الاسرى او الوصول الى صفقه تنهي الحرب. وبعد ان خسر الاقتصاد الاسرائيلي 136 مليار شيكل في حرب غزه بالاضافه الى نزوح 100,000 اسرائيلي و 25% من باقي شعب اسرائيل يعيشون تحت خط الفقر واغلاق 50% من مواقع البناء نظرا لشح الايدي العامله وهروب الكثير من الاسرائيليين الى مواطنهم الاصليه في اوروبا ودول اخرى. وهذا في رأيي فرض على اسرائيل العزله الاقتصاديه والتجاريه بالاضافه الى العزله السياسيه التي تعيشها بسبب سياسات نتنياهو الرعناء داخليا وخارجيا وكان من المتوقع ان تجد اسرائيل ضالتها في التعاون التجاري مع الهند لتأمين بعض السلع بل ان وزير الدفاع السابق جالانت طلب من الهند امداده بالعديد من الجنود لسد العجز بعد فشل الجيش الاسرائيلي في التعبئه العامه لاكثر من مره.
مجمل القول ان تفجير ازمه على الحدود الباكستانيه الهنديه كان امر متوقع بالنسبه لي لعده شواهد ابرزها انسحاب ايران دون مقاومه من لبنان وسوريا وتسليمها الحوثي للولايات المتحده الآن.
ويبدو ان المفاوضات الامريكيه الايرانيه في روما وعمان كان احدى بنودها هو انسحاب ايران من الدول العربيه لتخفيف الضغط على امريكا واسرائيل والاتجاه نحو دول جنوب شرق اسيا حيث تجتمع المصالح الدوليه والخليجيه منها بدءا من باب المندب وصولا الى بحر العرب ومضيق هرمز.وصولا الى الهدف الاكبر باشعال الحدود الباكستانيه الايرانيه لتصبح الحرب الان على حدود الصين ودول البريكس التي استغلت انشغال امريكا السنوات الماضيه، ومدت الصين نفوذها حتى طغى على النفوذ الامريكي واصبح البريكس اقوى اقتصاديا من مجموعهG7.
وبالنهاية فإن صمت إدارة الرئيس بايدن على تطوير ايران لبرنامجها النووي على مدار سنوات حتى اصبح امر واقع سواء نجحت المفاوضات الامريكيه الايرانيه ام فشلت وهذه هي الجائزه التي منحت لايران ..إمتناناً لها على ما فعلته في الدول العربيه دعما للخطه الاسرائيليه وتنطلق الان نحو دول شرق اسيا بإشعال الحرس الثوري للحدود الباكستانيه الايرانيه. وهذا ليس الاشتعال الاول بل هناك العديد من "البروفات" تمت خلال السنوات الماضيه قامت بها جماعات البلوشستان السُنة والفصائل الاخرى على المناطق الحدوديه ما بين باكستان والهند وايران.
التعليقات