محكمة العدل الدولية أسقطت التهمة الموجهة للإمارات في دعم وتمويل حرب السودان، ولغت الدعوى التي رفعها الجيش السوداني. حيث أعلنت المحكمة أنها ليست جهة اختصاص لنظر هذا النوع من القضايا، بخلاف ضعف الأدلة المقدمة بهدف إدانة الإمارات في دعم وتمويل الدعم السريع بقيادة "حميدتي".
ما لفت انتبهائي أمرين يؤكدان البراءة الفعلية لدولة الإمارات من التهم الموجهة إليها. أولا أن محكمة العدل لم تحول القضية لمحكمة أخرى وهذا دليل أخر أن الدعوى المرفوعة من قبل الجيش السوداني "مفرغة من الأدلة والإثباتات".
وثانيا أن ما قدمته السودان من أدلة هو صور من بطاقات هوية "لأشخاص إماراتيين" فأين الدليل؟
لا يجحد أحد حق الإمارات أن تواصل دورها المحوري والتاريخي والفعال في ردع مشروع الإخوان المسلمين في المنطقة، والذي لا يهدد الإمارات وحدها بل المنطقة بأسرها، وأنا كباحثة وإعلامية عربية أدعم سياسة الإمارات بقوة في هذا الاتجاه. حيث لا يمكن إخفاء أن حكومة البشير زرعت خلايا سرطانية في كل أنحاء الجسد السوداني وأخطرهم المؤسسة العسكرية السودانية وهذه النقطة لم أنكرها كباحثة سياسية منذ بدأت أزمة السودان عام 2022.
وبالرجوع للماضي القريب تحديداً عام 2013 كانت الإمارات أول المتأثرين بصعود الإخوان لحكم مصر. وكان أول تصريح لعصام العريان "القيادي الإخواني" من داخل مجلس النواب المصري الذي سيطر عليه الاخوان حينها موجه لدولة الامارات حين قال لأبوظبي وبوقاحة تامة "كونوا ملوكا للعرب ولا تكونوا عبيدا للفرس". وبعدها تم الكشف عن خلية إخوانية في الإمارات كان لها علاقة بالتنظيم الإرهابي الذي حكم مصر عام 2013، هدفه هو تهديد أمن واستقرار ووحدة الأراضي الإماراتية، وهو نابع من عقيدة الإخوان المتجذرة "أن الأوطان حفنه من تراب". مما جعل الإمارات متخوفة من تكرار السيناريو الأسود ولكن داخل السودان عام 2022 عندما تمكن الإخوان من مفاصل الدولة السودانية خلال حكم البشير، وإزداد شراسة التنظيم داخل السودان حتى توغلوا داخل مؤسسة الجيش النظامي.
وفي النهاية إن نظرنا للأحداث الدولية الآن من منظور إماراتي يسعى لإرساء الأمن القومي الإماراتي بل والعربي سنجد أن ما يحدث في غزة الآن هو إحدى تبعات وصول تنظيم الإخوان المسلمين والجناح العسكري منهم "حماس" لسدة الحكم في غزة والسيطرة الفعلية على الموارد المالية للقطاع بل وتسطير السياسة الخارجية الفلسطينية في التعامل مع الدول الجارة امتدادا للوطن العربي الكبير. فلم يترك تنظيم الإخوان المسلمين موجة فوضى في المنطقة إلا وقفز عليها، وكان لمصر النصيب الأكبر منذ أحداث الخريف العربي 2011 ودعم حماس للإرهاب في سيناء وعقد الصفقات المشبوهة في 2013 مع حكومة محمد مرسي. والتي لم تصب إلا في صالح إسرائيل بزعزعة استقرار سيناء واستهداف الجنود المصريين أثناء تأمينهم للحدود وتهريب العناصر الإرهابية لدعم الجماعات التكفيرية في سيناء ومنهم أنصار بيت المقدس وولاية سيناء والتكفير والهجرة وبقايا داعش والقاعدة. وصولا الى أحداث 7 أكتوبر ما اسمته حماس بطوفان الأقصى الذي لم يبتلع سوى الأبرياء والمدنيين نساء وأطفال في غزة. لتعلن إيران "العقل المدبر" بعد ذلك بموافقة من حماس أن هذا العمل جاء ثأرا لمقتل قاسم سليماني. حيث سدد فاتورة الثأر 46 ألف قتيل فلسطيني معظمهم نساء وأطفال، و110 ألف جريح مع تدمير 92% من مباني القطاع. والتي كان للإمارات النصيب الأكبر في إنشائها منذ زمن الوالد المؤسس الشيخ زايد الذي رسخ في وجدان أبناءه والمقيمين على أرضه وكنت أحدهم قيمة الدفاع عن القضايا العربية. وكانت توضع صناديق دعم القضية الفلسطينية داخل أروقة مدارس الأطفال في الإمارات لتجذر هذه القيم الإنسانية. وترسخ معها مفهوم أن الأمن القومي العربي هو مسؤولية الجميع.
مجمل القول إن الإمارات كانت أبرز المستهدفين بل والمتأثرين بنشاط الجماعات الإرهابية والمتطرفة وأخطرهم الإخوان المسلمين الذين نشأوا من بذرة السلفية العلمية والسلفية الجهادية، الذين كشفوا وجوههم الحقيقية عام 2011 و2013 من داخل مصر بنيران وصل شرارها إلى دولة الإمارات. مما دفع الإمارات للتحرك من أجل منع تكرار هذا السيناريو الأسود في السودان وفي غزة حفاظا على أمنها القومي واستغلالا لدور أبوظبي البارز كعضو في مجلس الأمن 2022/2023 وكذلك رئاسة الإمارات للجنة الحوكمة في الانتربول الدولي.
التعليقات