قبل حرب أكتوبر، كنا نلعب في شارع الطابية في غيط العنب وجدنا الولد عماد قادمًا يجري ونَفَسه مقطوع وهو يصرخ من بعيد: "يا صحابي، يا صحابي، الحقوني، الحقوني".
قلنا له: "مالك؟". قال: "طلعوا لي عيال من كرموز وضربوني من غير سبب". قال أحمد: "من اليوم عيال كرموز أعداءنا؛ لأن هذه ليست أول مَرَّة، لازم ننتقم منهم". قلت: "أكيد، هُم من الآن إسرائيل واعتدوا على واحد منا ومن يأتي منهم إلى غيط العنب نضربه".
بعدها بيومين وجدنا عيال اسرائيل يجرون وراء أحمد، وخطفوا الحقيبة البلاستيك التي كانت معه، جرينا كلنا وراهم، لكنهم هربوا بسرعة واختفوا، وأحمد ظل يصرخ فيهم: "يا جُبناء يا جبناء." قلنا: "الحرب قامت بيننا وبين إسرائيل لازم نأخذ حقنا ونربيهم في قلب إسرائيل".
أرسلنا واحد منا يتجسِّس عليهم ويعرف ماذا يفعلون طوال يومهم، فعرف إنهم يلعبون كرة القدم في الصباح عند كوبري القصب.
اتفقنا وجمعنا أنفسنا، ذهبنا من ورا الكوبري وأحطناهم من كل اتجاه وهم يلعبون الكرة، لمَّا شافونا تجمدت ألسنتهم، وظلوا يرتعشون.. عماد ضرب العيال الذين ضربوه علي قفاهم وهو يضحك، وينط ويبصق عليهم في فخر، وأحمد أخذ الكرة وقال: "هذه نظير الحاجات التي اختطفتموها منّي".
قلنا لهم: "اركع يا ولد انت وهوه".. ركعوا من غير مقاومة. قلنا: "ازحف يا ولد انت وهوه".. ناموا على بطونهم وزحفوا.
ظللنا نبص لبعضنا ونحن في غاية الانبساط والفرحة، فقلنا في نفس واحد: "ارقص يا ولد يا إسرائيلي انت وهوه".. وقفوا يرقصون، قلنا لهم: "ارقصوا، ارقصوا".
قال لهم عماد: "أنا في انتظار أن يتعرَّض أحد منكم لأحد منَّا مرة أخرى، وغدًا أنا قادم لإسرائيل بمفردي، وبدون أحد، وسألعب الكرة عندكم".
عدنا لغيط العنب، ونحن نضحك، ونردد: "ارقص يا ولد يا إسرائيلي انت وهوه" ونبدأ في الرقص المرح، وتكسونا الفرحة، ويغمرنا النصر، وكان الأولاد الإسرائيليون يشاهدوننا من بعيد، يتابعون حركاتنا التي تكشف مزلتهم، ومن يومها لم نر إسرائيلي واحد.
التعليقات