في حصة الدِّين، في المَدْرَسة الابتدائية، في الصف الأول، غابت مُعَلِّمة الدِّين المسيحي، فاضطَّرت مُعَلِّمة الدِّين الاسلامي أن تضمّ التلاميذ المسلمين والمسيحيين في الفصل نفسه، الذي تقوم فيه بتدريس مادة الدِّين للتلاميذ المسلمين.
لكنها كانت في حيرة، كيف ستعطي الدِّين الإسلامي في وجود الطلبة المسيحين، هداها تفكيرها أن تقول للطلبة المسيحيين أن هذا وقت فطوركم، وأنه يمكنكم أن تأكلوا طعامكم بدون صوت؛ حتى تنتهي من حصة الدِّين لزملائهم المسلمين.
وبالفعل أخرج التلاميذ المسيحيين طعامهم وبدأوا يأكلون في صمت، وكأنهم غير موجودين في الفصل.
بدأت المُعَلِّمة تقرأ آيات من قصار السّور، لكن معظم التلاميذ المسلمين كانوا ينظرون لزملائهم المسحيين وهم يأكلون في استمتاع، بدا واضحًا عليهم أنهم يحسدون زملاءهم المسيحين لأنهم يستمتعون بطعامهم الآن في الفصل.
كان نور جائعًا جدًا، فلم يقاوم، أخرج طعامه من حقيبته وبدأ يأكل، وضحك عليه زملاؤه المسلمين بصوت مسموع، انتبهت المُعَلِّمة للضجَّة، فذهبت ووقفت أمام نور تسأله:
- ماذا تفعل يا نور؟.
- آكل طعامي.
- نحن في حصة دين.
- (وهو يشير للمسيحيين) إنهم يأكلون.
- أنت مسلم.
- أنا جائع.
- أنت مسلم وهذه حصة دينك.
ثم أعطته ظهرها وسارت وهي تطلب منه التوقُّف عن الأكل فورًا، ونور ينظر للطعام في يده، وللأفواه التي تمضغ الطعام في لذَّة، وصوت مضغ الطعام يهرس بطنه الجائعة، وقبل أن يُدْخِل الطعام في حقيبته لمح رسمًا على يد زميله مرقص، فسأله:
- ما هذه العلامة المرسومة على يدك يا مرقص؟
- صليب يا نور.
- ماذا تعني العلامة؟.
- تعني أني مسيحي.
- أنت مسيحي بهذه العلامة؟.
- نعم.
- هل كل من يحمل هذه العلامة مسيحي؟
- نعم.
أخرج نور من حقيبته الطعام وبدأ يأكل، وحين سمعت المعلمة الهمس مرة أخرى، رأت نور يأكل، فاتجهت إليه بغيظ، ظهر على وجهها غضب واضح، قالت لنور: "ألم أقل إنك مسلم، وأنه لا يجب أن تأكل في حصة الدِّين؟".
ظل نور يأكل بهدوء غريب، وقبل أن ترفع المُعَلِّمة العصاة لتضربه، رفع نور يده اليسرى فوجدتها المُعَلِّمة مرسوم عليها صليب بالقلم الجاف.
التعليقات