قال النميري (محمد بن عبدالله بن نمير الثقفي) في زينب يوسف بن الحكم (أخت الحجّاج):
تضوَّع مِسْكًا بطنُ نعمان إذا مشت ** به زينبٌ في نِسْوةِ عَطِراتِ
لها أَرجٌ بالعنبر الورد .. فاغمٌ ** تَطَلَّعُ رياه من الفترات
وقال:
وما أنس من شيءٍ فلا أنسَ شاديا ** بمكةَ مكحولا أسيلا مدامعهُ
تشرَّبه لونُ الزارفي في بياضهِ ** أو الزعفرانُ خالطَ المسكَ أَدْرعُهُ
وقالت جارية لجعفر المتوكل على الله تدعى محبوبة:
وكاتبة بالمسكِ في الخدِّ جعفرا ** بنفسيَ خطَّ المسكُ من حيث أثرا
لئن أودعتْ سطرًا من المسكِ خدها ** لقد أودعتْ قلبي من الشوقِ أسطرا
فأعجبْ لمملوكٍ يظلُّ مليكه ** مطيعا له فيما أسرّ وأجهرا
وقال المتنبي:
يضمها المسكُ ضمَّ المستهامِ بها ** حتى يصيرَ على الأعكانِ أعكانا
والأَعْكان: (اسم) جمع عُكْنَةُ، والعُكْنَة: ما انطوى وتَثنَّى من لحم البطن سِمَنًا. والعكْنَاءُ من الجواري: ذات العُكَنِ.
وقال أحد الشعراء:
لكنْ أتيتُ ورريحُ المسكِ يفعمني ** والعنبرُ الوردُ أُذكيه على النار
وفي مجال الهجاء قال أبو زرارة النصري:
أصبح عمَّارٌ نشيطا أبثا ** يأكلُ لحمًا بائتا قد كبثا
وكَبِثَ اللحمُ: أنتنَ وأرْوَح.
وقال حمّاد عجرد في بشَّار بن برد العقيلي:
لو طُليتْ جِلدتُه عنبرا ** لنتَّنتْ جِلْدتُه العنبرا
أو طُلِيتْ مسكًا ذكيًّا إذنْ ** تحوَّل المِسكُ عليه خِرَا
وقال فيه أيضا:
واللهِ ما الخنزيرُ في نَتْنِهِ ** من رُبْعه بالعُشْر أو خُمْسِهِ
بل ريحُهُ أطيبُ من ريحهِ ** ومسُّه أليَنُ من مَسِّهِ
وقال جملة من النقاد والشعراء كالأصمعي وأبي عمرو بن العلاء وجرير بن عطية الخطفي عن شعر ذي الرمة (غيلان بن عقبة العدوي 77 – 117 هـ) بأنه "مثل بعر الصيران إن شممت، شممت رائحة طيبة، وإن فُتِّتَ فُتِّتَ عن نتن".
وقال روح بن زنباع الجُذَامي في امرأته التي زوجها إياه عبدالملك بن مروان:
ريح الكرائم معروفٌ له أرجٌ ** وريحها ريحُ كلْبٍ مسَّه مطرُ
ومن الشعراء المعاصرين يقول الشاعر عزت الطيري:
وللورد حرفته
في ابتكار الأريج
وصنع الخرافة
لما يشمُّ الفتى
في المساء
عبيرا له
ويقارنه
بارتجاف الحبيبة
حين ترش على شارع
سوف تمشي بأندائه –
عطرها البابليّ.
وللأطفال كتب الشاعر أحمد سويلم في ديوانه "أحلامي الجميلة":
أحلمُ أن أرى في كلِّ شارعٍ
حديقةً من الزهور
تنشرُ في المدى الروائحَ الزكية
تنقلها الريحُ إلى كلِّ مكانْ
فلا يشمُّ الناسُ
ذلك الأذى من الدُّخَانْ
أحلم أن أشمَّ نسمةً رقيقة
في الصيف
تُرطّب الجوَّ وتُنعش النفس
وفي مجال الفن الروائي الذي عني بعالم الروائح، نذكر رواية "العطر – قصة قاتل" للروائي الألماني باتريك زوسكيند، ورواية "تلك الرائحة" للروائي المصري صنع الله إبراهيم، ورواية "رائحة الموت" للكاتبة المغربية ليلى مهيدرة، وغيرها.
الروائح في الأقوال والأمثلة
زعم العرب أن امرأةً عطَّارةً اسمُها "مَنْشِم" كانوا إذا تطيَّبوا من عطرها، اشتدت الحرب بينهم، فصارت مثلا في الشر. ويقال: "أشأم من عطر مَنْشِم".
ومن الأمثال: "نَوْمةُ الضُّحَى مُخْلِفَةُ الفم" أي مغيَّرة رائحته ومفسدته.
و"لا يعجِزُ مَسْكُ السَّوْءِ عن عَرْفِ السَّوْءِ" أي الجلد الرديء لا يخلو من الرائحة. وهو مثل يضرب للئيم لا ينفك عن قبح فعله.
ويُقال "لا عِطْرَ بعد العُرْس".
و"أبخر من أسد".
و"أبخر من صقر".
و"أبخر من فهد".
"بطني عَطِّرِي، وسائِرِي ذَرِي"، أي املئي بطني، واتركي بقية الجسد. مثلٌ قاله جائعٌ نزل بقومٍ، فأمروا الجارية بتطييبه (أي برشه بالعطر)، فقال ذلك المثل الذي يُضرب لمن يهمل العناية بالأهم.
"يَدهُنُ بقارورةٍ فارغة". مثلٌ يُضر
ب لمن يعد ولا يفي.
"أطيب من نَفَس الربيع".
" ما يوم حليمة بسر".
التعليقات