يهل علينا بعد أيام عيد الأضحى المبارك أعاده الله علينا وعليكم باليمن والبركات، ومع قربه تتعالى الأصوات التي أصبحت معتادة لكارهي اللحوم بل والمنادين لتعميم كرهها والامتناع عن أكلها تماما.
ينقسم هؤلاء إلى قسمين طبقا لمبرراتهم لا لأهدافهم؛ فالقسم الأول ينادي بالامتناع عن أكل اللحوم رفقا بالحيوان رافعين رايات تندد بالإنسان بكونه أكثر المخلوقات قسوة في أساليب حياته والواجب تغييرها، لنتذكر للحظة، من أين تعلمنا الرحمة والرفق؟ ومن أين أخذنا طرق تطبيقها؟ ألم يعلمنا الله الرحمة والرفق بكتبه السماوية الثلاثة القرآن والإنجيل والتوراة، وبالمثل العليا المُقدمة في الأنبياء والرسل، "أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون، وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون."، وغيرها من الآيات القرآنية الصريحة التي أحلت أكل لحم الأنعام، وأُخذ عن سيدنا محمد(ص) من أكثر من مصدر أنه كان يحب لحم كتف الشاه، فإذا كان الله أحله فمن له أن يُحرمه؟!، أهناك أرحم من الخالق على خلقه؟! أنغفل عن كوننا مجرد نوع من المخلوقات التي خلقها الله والتي تدور في دائرة الحياة المغلقة، فلكل كائن طعام من كائن آخر ليس من اختياره، فمثلما أُحل للإنسان أكل الأنعام، أُحل الإنسان لدود الأرض.
ويأتي القسم الثاني مناديا بالامتناع عن أكل اللحوم رغبة في عيش حياة أفضل، هذا بعد أن نسبوا أمراض العصر من ضغط الدم والسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان إلى تناول اللحوم وأن الابتعاد عنها واستبدالها بالخضراوات الغنية بالألياف أفضل لصحة الأمعاء والجهاز الهضمي بأكمله.
على الرغم من إثبات العلم أن البروتين الحيواني أغنى بكثير من البروتين النباتي كما أثبتت التجارب أنه لا يمكن الاستعاضة عن أربعين جراما من اللحوم بمائة جرام من القمح رغم أن الكميتين بهما قدر متساوٍ من البروتين من حيث وجود الأحماض الأمينية والمواد اللازمة لنمو وبناء خلايا الجسم المختلفة مثل تكوين وتجديد خلايا الدم الحمراء والوقاية من الأنيميا وفقر الدم، ومن الفيتامينات الموجودة فقط في اللحوم ومنتجات الألبان هو فيتامين ب١٢، اللازم للمحافظة على صحة الجهاز العصبي والوقاية من الاضطرابات النفسية كالاكتئاب والعصبية الزائدة، كما أكدت تجارب قام بها باحثون بريطانيون بقيادة عالم التغذية والأوبئة تومي تونغ من قسم صحة السكان بجامعة أكسفورد في نوفيلد أن النباتيين والخضريين أكثر عرضة لكسور العظام من الذين يتناولون اللحوم.
بتأثر الكائنات الحية بظروف البيئة من مناخ متغير وتلوث وباستخدام الهرمونات لزيادة الإنتاج في الزراعة وتربية الحيوانات أصبح من المستحيل تأكيد صحة وسلامة وخلو أي طعام من أضرار مصاحبة لما أُضيف إليه، فليس علينا سوى السعي لتغيير هذه الظاهرة نحو الأفضل، والاعتدال في الطعام من كل شيء مما أحله الله، "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين."، فالإفراط في تناول اللحوم يُزيد نسبة الكوليسترول في الدم والقليل منه يُعطي لجسدك حقه فقط، فالدواء يمكن أن يكون علاجا ويمكن أن يكون سما وحدوث هذا وذاك متوقف فقط على الجرعة.
فلا داعٍ لمغالاة أو تهويل فالحلال بين والحرام بين، والعلم يؤكد السبب مع الأيام، وكل عامٍ وأنتم بخير.
التعليقات