الرصاص لن يحل الأزمة التى يتعرض لها السودان حاليا بل الحوار والجلوس على مائدة المفاوضات هى السبيل الوحيد لتجنب البلاد ويلات الحرب الأهلية التى ستقضى على الأخضر واليابس؛ والجميع فى السودان يخشى من تدهور الأوضاع إلى ما لا يحمد عقباه؛ وخاصة بعد خروج البعثات الدبلوماسية جميعها مما ينذر بخطر فادح يحدق بالسودان وشعبه ويهدد استقراره.
شهد السودان منذ استقلاله في الأول من يناير 1956 سلسلة من الانقلابات العسكرية؛ وجرت أول محاولة من هذا النوع لم يكتب لها النجاح ضد أول حكومة ديمقراطية منتخبة في عام 1957.
قاد أول محاولة انقلابية فاشلة في السودان (إسماعيل كبيدة) الذي حاول الإطاحة بأول حكومة وطنية ديمقراطية ؛بعد الاستقلال في عام 1956 كان يرأسها (إسماعيل الأزهري) .
في حين أن أول انقلاب ناجح جرى في عام 1958 وقاده الفريق (إبراهيم عبود)في نوفمبر 1958 ضد حكومة الازهري المنتخبة؛وتواصل هذا الانقلاب لمدة سبع سنوات؛ جرت خلالها محاولة انقلاب فشلت إلا أن القائمين عليها جرى ضمهم إلى النظام القائم ولم يتم التعامل معهم بالطريقة العنيفة التقليدية.
أما الانقلاب الأكثر شهرة في تاريخ السودان ؛ فحدث في مايو عام 1969 بقيادة العميد حينها (جعفر النميري) وخليط من الضباط الشيوعيين والقوميين، واستمر لمدة 16 عاما.
وتعرض حكم النميري ؛في السودان لعدة محاولات انقلابية جرت أولاها في عام 1971 وعرفت بمحاولة انقلاب (هاشم العطا).
وتمكن الانقلابيون من السيطرة على العاصمة الخرطوم؛ ليومين قبل أن يستعيد النميري السيطرة على زمام الأمور في البلاد؛ونجح النميري في عام 1975 في القضاء على محاولة انقلاب ضده قادها ضابط يدعى (حسن حسين)وكان مصير الانقلابيين الإعدام ؛وتواصلت محاولات الانقلاب على (جعفر النميري).
حيث جرت في يوليو عام 1976 محاولة انقلاب عنيفة ضده شاركت بها عناصر تسللت من ليبيا، ودارت معارك شوارع في العاصمة الخرطوم بين قوات الحكومة والانقلابيين؛ انتهت بفشل المحاولة وإعدام قائدها العميد (محمد نور سعد).
ولم يصمد حكم النميري في أبريل من عام 1985 أمام انتفاضة شعبية حيث أزيح عن الحكم وتولى المشير (عيد الرحمن سوار الذهب) وكان حينها وزيرا للدفاع رئاسة مجلس عسكري انتقالي كان الوحيد في تاريخ البلاد؛ والمنطقة الذي وفى بوعده وسلم السلطة بعد عام إلى حكومة منتخبة برئاسة (الصادق المهدي).
وفي يوم 30 يونيو عام 1989 وصل (عمر حسن البشير) ؛إلى السلطة بانقلاب عسكري؛ وقف وراءه حزب الجبهة الإسلامية القومية بزعامة (حسن الترابي).
وتعرض نظام (البشير ) إلى عدة محاولات انقلابية إلا أنه تمكن من التغلب عليها حتى عام 2019؛حين عزله وزير الدفاع السوداني (عوض بن عوف )بعد أشهر من الاحتجاجات .
واقتيد إلى سجن كوبر حيث يوجد حتى الآن وتجري محاولات لتسليمه على محكمة الجنايات الدولية.
وكان رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان حينها وزير الدفاع؛ (أحمد عوض بن عوف) قد استقال في 3 أبريل 2019.
وتولى المنصب بعده الفريق (عبد الفتاح البرهان)، وهو يرأس حاليا المجلس السيادي السوداني في ظروف الانقلاب ضد حكومة رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك.
وفى 15 أبريل 2023، وقع اندلاع حرب في العاصمة الخرطوم ؛بين قوات الجيش الوطني السوداني، وقوات الدعم السريع، التي انشأها البشير في اغسطس 2013، للقتال بدلا من الجيش في دارفور بعد قرارات الامم المتحدة..
محمد حمدان دقلو «حميدتي» تمكن من الاستئثار بالسلطة فيها باعتباره القائد الميداني.. تحالف مع البرهان قائد الجيش للإطاحة بنظام حكم عمر البشير عام 2019.
ثم تحالف معه عام 2021 ضد التيار المدني ومحاولة الأحزاب الاستيلاء على السلطة.. المصالح جمعتهما رغم الاختلافات العميقة، الى ان طمع حميدتي في ان يتصدر المشهد بسيناريو الانقلاب .
الاختلاف الذي وقع بين القائدين مؤخرا، ونسف إمكانية التعاون بينهما، يتعلق باختلاف وجهات النظر حول الاتفاق الإطاري، الذي يتعلق بالترتيبات الداخلية اللازمة لاستعادة الحكم المدني والديمقراطية في البلاد.
فقد نص الاتفاق الإطاري على تبعية قوات الدعم السريع لرئيس الوزراء المدني، على أن يتم دمجها داخل الجيش خلال 10 سنوات.
حميدتي أيد الاتفاق لما يعطيه له من استقلالية عن قيادة الجيش، لكن ذلك أثار اعتراض البرهان، من منطلق أنه يعني وجود جيشين بقيادتين مختلفتين، أحدهما الجيش الوطني التابع للقائد العام، والآخر قوات الدعم السريع وتتبع رئيس الوزراء المدني.
وتمسك البرهان بخضوع القوتين للقائد العام، وان تتم عمليات الدمج بحد أقصى عامين فقط، لأن تقسيم الجيش على هذا النحو لا يضمن تحقيق أمن البلاد، خاصة بعد ان سقطت دول في الإقليم نتيجة الانقسام داخل الجيش.
التعليقات