لم تتخيل فاطمة الفتاة ذات 23 عام بأنها ستواجه كل هذه الهجمات الإلكترونية من تحريض عليها وسب وقذف ورسائل تحذير على هواتف أسرتها تطلب منهم تأديب إبنتهم وتعليمها أصول الدين الإسلامي بعد قيام الفتاة بنشر سؤال إستنكاري على إحدى المجموعات النسائية المغلقة عبر تطبيق التليجرام تقول فيه (هل الجهاد هو أن تقوم جماعة حماس بفرض زي موحد جلباب وحجاب على الجميع حتى المسيحيات داخل مدارس غزة، وأن يقوموا باعتقال وقتل أهالي الطالبات من جماعة فتح المنددين بهذا القرار التعسفي؟).
سؤال فاطمة فتح عليها باب من الطعن في الأخلاق والشرف بل وصل الأمر إلى حد تكفيرها، وتعقب حساباتها عبر مواقع التواصل الإجتماعي والوصل إلى أفراد عائلتها وتوجيه رسائل سب وقذف وطعن في طريقة تربيتهم لإبنتهم وصل حد تكفير رب الأسرة. وقيام مسؤولة المجموعة التي أخفت جميع بياناتها الشخصية ولكن يبدو أنها غفلت عن إزالة صورة في حسابها لسيدة ترفع شعار رابعة الإخواني، حيث قامت بإرسال روابط صفحات إلكترونية تابعة لمن أسمتهم بالأخوات الملتزمات لمساعدة والدي فاطمة في تربية إبنتهم على العقيد الإسلامية الصحيحة.
الإخوان الفصيل المنبوذ عالميا
هذه الواقعة تدعونا إلى التعرف على الدور الحالي لنساء الإخوان المسلمون في التنظيم. تزامنا مع تراجع الدعم الدولي للإخوان بعد التقارب العربي التركي وتبادل الزيارات الرسمية بين تركيا ومصر والامارات والسعودية وإعلان اردوغان غلق ملف الاخوان المقيمين في تركيا وتحجيم دور قنواتهم واعلامهم الموجه. وكذلك حالة الانشقاق التي برزت في وقت سابق بين الجبهتين المتنازعتين على قيادة الجماعة وهما جبهة لندن و اسطنبول. وإعلان الاخوان عدم خوضهم في صراع انتخابي رئاسي جديد وفصل بعض من القيادات تزامنا مع انحسار في الدعم المالي للجماعة وإعتراف الإعلام البريطاني عام 2022 بأن تنظيم الإخوان يعيش أسوأ حالاته.
نساء الإخوان أداة التغلغل الإلكتروني سعيا للبقاء
لم تعد نساء الاخوان المسلمون أداة للمتعة فقط في ظل هروب الذكور وقلة أعداد المنضمين الجدد بسبب الملاحقات الأمنية، وانحسار انتشار التنظيم داخل الدول المحورية منها مصر وتونس مما أدى إلى تفعيل دور نساء الإخوان على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف ترميم شعبية التنظيم المتهالكة وتلميع صورته وإخفاء مواطن التشويه التي تشوبه وإظهاره على أنه جماعه إسلامية ذات أهداف اجتماعية غيرسياسية في محاولة لمساعدة بقايا هياكل التنظيم في أوروبا على الصمود أمام المتغيرات السياسية والإقتصادية، ويحدث ذلك على النحو الأتي:
صناعة الهاشتاجات المؤدلجة
حيث تعتمد الخلايا الإلكترونية النسائية اللامركزية على إطلاق هاشتاجات على مواقع التواصل الاجتماعي والتركيز على تويتر لإيهام المتابعين بأفكار مغلوطة تخدم أجندتهن مثل إطلاق هاشتاج "ارحل يا سيسي" و"بيع قناة السويس" و"مش من جيوبنا" . بهدف إثارة الرأي العام وحشد المصريين للتظاهرضد القيادة السياسية المصرية التي اسقطت الاخوان بإرادة شعبيه عام 2013،ومحاولة إستغلال تبعات الأزمة الإقتصادية العالمية من ارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية في مصر والتي هي جزء من العالم ،والمقارنات غير العادلة باسعار نفس السلع خلال العام الذي حكم فيه الاخوان الدولة المصرية.للإشارة إلى أن حل الازمات التي تعيشها مصر مقرون بعودة الاخوان للحكم.
- التسفيه والسخرية من السياسة الداخلية والخارجية وقرارات الحكومة حيث تم رصد انتشار واضح لفيديوهات تقدمها سيدة اخوانية مصرية هاربه في كندا (ن.ع)،يتابعها مليون شخص عبر حساباتها على مواقع التواصل والتي تحمل محتوى ساخر يهدف الى زعزعة ثقة المواطن في قيادته المصريه ويطلب سحب الثقه من الحكومة. وأن كل ما تقوم به أمور تافهة لا ترقى إلى معالجة أوضاعهم المعيشية والاجتماعية البائسة، بجانب هدم هيبة مؤسسات الدولة ورجالها عبر السخرية والنكات وكسر الكرامة ونشر ثقافة الإعدام المعنوي والترهيب النفسي والاغتيال الثقافي.
- برامج لايت لمشاركة الحياة اليومية على صفحات التواصل الاجتماعي ظاهرها وصفات الطبخ والديكور ووصفات عناية بالبشرة والصحه وباطنها يركز على "دس السم في العسل" بوضع المتابع في حالة مقارنة بين أسعار السلع والمنتجات ومدى توفرها حاليا في الاسواق في ظل حكم الرئيس السيسي.وقيام ( أ .أ) مقدمة البرنامج وزوجة قيادي بالكتائب الاعلامية للجماعة ورئيس شبكة اخبارية (ش.ر)، بترشيح كتاب وتنصح المتابعات بقراءته واتضح ان جميعها كتب تخدم ايديلوجيا الاخوان المسلمون.ويبلغ عدد المتابعين لهذه السيده الاخوانية 5مليون شخص.
-تشويه الرموز الدينية والعلمية والاقتصادية ، عبر إقتطاع التصريحات من سياقها مستغلات الجانب العاطفي للنساء المتابعات ومخاوفهن تجاه عملية التعليم والصحه والوظائف لضمان مستقبل ابنائهن ، برز ذلك في التصريحات المجتزأه والمنشورة تحت هاشتاج " البنك المركزي" " عمل المفسدين" "رحيل طارق شوقي".
- التركيز على الملفات التي تخص المواطن وتثير مخاوف النساء مثل ارتفاع اسعار السلع الغذائية وفواتير الكهرباء والبنزين ،وعرض بعض الصور مأخوذه من زاوية واحدة لنساء يبكين بعد عملية إزالة التعديات العمرانية على الاراضي الزراعية وحملة إزالة الأبنية المخالفة على جانبي الطريق الدائري الذي يتوسط العاصمة القاهرة، مع تعمد إخفاء قرار الدولة المصرية بمنح المتضررين سكن بديل وتعويضهم ماليا بما يؤمن للاسرة حياة كريمة.
مجمل القول أن التغلغل الناعم لتنظيم الإخوان المسلمين عبر النساء وتحديدا في مصر هو محاولة لإستعادة تواجدهم في الشريحه المجتمعية بعد أن كشفت أقنعتهم ولفظهم المجتمع المصري وكان وعي المواطن العربي أكبر ضامن لإقتراب نهايتهم.
التعليقات