خلال الأيام القليلة الماضية عقد اجتماع مهم برعاية صينية ومباركة روسية ودولية ضم هذا الإجتماع السعودية وايران بوساطة عمانية داخل صنعاء. وكان من أبرز الحضور سفير المملكة العربية السعوديه في اليمن وممثلي الشرعية اليمنية والمجلس الإنتقالي الجنوبي وممثلين عن الخارجية الإيرانية بوساطة عمانية. سبق ذلك استضافه بكين للقاء شمل وزيري خارجية المملكه العربيه السعوديه و ايران وجرى الحديث عن محاولات تهدئه للأوضاع في اليمن والوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف. وياتي ذلك ضمن مساعي الصين وروسيا لتهدئة الأوضاع بمنطقه الشرق الأوسط وتجنب الحروب والنزاعات في هذا التوقيت الحرج الذي يمر به العالم من أزمات صحية وإقتصاديه وأمنية ومحاولة إنشاء علاقات دولية متوازنة مع كافة الدول العربية ، تمثلت في عقد اتفاقيات اقتصاديه وعسكرية بين روسيا ومصر والسعودية مؤخرا، ترتب عليه قيام الرئيس بوتن بتقديم دعم أمني وإقتصادي وعسكري ملموس على الأرض لمنطقه الشرق الاوسط ، كان أخرها إعتماد الجنيه المصري في المعاملات الروسية وكذلك قيام السعودية بالتعامل بالروبل في مبيعاتها النفطية مما وجه ضربة قوية للدولار.في إشارة إلى إعلان فشل السياسة الأمريكية إتجاه منطقة الشرق الأوسط ،والتي كانت تعتمد على صناعة الأزمات وتأجيج الصراعات في المنطقة، بما يعود عليها بمكاسب سياسية واقتصاديه وعسكرية أبرزها صناعة وبيع السلاح لدول المنطقه والتي بلغت ما يقارب 80مليار دولار خلال عام 2021 _2022، كذلك التوغل عبر بعض الميليشيات الإرهابيه وتلك الجماعات المؤدلجه التي تخدم أجندتها التوسعية.
سياسة قلب الطاولة وتغليب المصلحة العليا
لا يخفى عن الجميع التحرك السعودي الأخير في عمليه قلب الطاولة على المصالح الأمريكية في المنطقه للتخلص من هيمنة الأخيرة . من خلال قبول السعودية المبادرة الإيرانيه لإحلال السلام في اليمن وعدم التدخل في المنطقة خلال إجتماع استضافته الصين الضامن لهذه الإتفاقيات ومباركة وتأييد روسي مع وعود بوقف إمداد الحوثي بالسلاح الذي يهدد أمن المملكة والمنطقه والبحر الأحمر. تبعه تحرك سعودي روسي بخفض إنتاج النفط تزامنا مع إجتماع شمل السعودية وايران بوساطة عمانية ودعم صيني على أرض صنعاء بالأمس، في محاولة لإيجاد حل للأزمة اليمنية والوصول الى إتفاق يرضي كافة الأطراف ويمنع التدخلات الخارجية في الشان اليمني. والذي كانت الولايات المتحدة جزء منه من خلال تصدير الفزاعة الإيرانية للمنطقة العربية والصمت عن كل الإنتهاكات التي يقوم بها الحوثي في اليمن. وتسهيل دخول الأسلحة إلى اليمن عبر ميناء الحديدة خلال فترات الهدنة السابقة وكذلك تمريرقطع الصواريخ أحيانا عبر الحدود العمانية وكان هناك إتهامات للمبعوث الأممي السابق لليمن بأن هناك أسلحة تمرر إلى الحوثي عبر طائرته الخاصة.
ضمانات إلتزام إيران والحوثي ببنود الاتفاق
حتى اللحظة لم تصدر أي تصريحات رسمية حول نتائج الاجتماع الذي ضم الحكومة الشرعية اليمنية وممثلي الخارجية السعودية والايرانية وجماعه الحوثي والمجلس الإنتقالي الجنوبي على أرض صنعاء ولكن هناك بعض الملفات البارزة المتوقع بنسبة كبيرة أن يتم طرحها على طاولة التفاوض وعلى رأسها ملف التدخلات الخارجية في اليمن بما يهدد الأمن القومي للمملكة وكذلك إمداد الحوثي بأسلحة ثقيلة وهي مطالب سعودية. وعوده فتح المطارات والموانئ ودفع الرواتب لكافة الموظفين وتسليم الأسرى وهي مطالب حوثية. ووقف عمليه الإغتيالات و والتفجيرات والحفاظ على مؤسسات الدولة اليمنية من التدخلات الخارجية وهي مطالب الحكومة الشرعية اليمنية، وكذلك القبول بمطالب المجلس الانتقالي الجنوبي في عمليه فك الإرتباط بين الجمهورية اليمنية و الجنوب اليمني بإسمه الحالي حاليا أو إعطاء الأخيرة حق الحكم الفيدرالي. ويبدو أن هناك خطوات إيجابيه فاعله تمت خلال الإجتماع في صنعاء حيث أعلن المجلس الإنتقالي الجنوبي اليوم متمثلا في اللواء عيدروس الزبيدي وقيادات من المجلس بأنهم يدعمون تحركات المملكة العربية السعوديه في الوصول إلى حل لإنهاء الأزمه اليمنية وتنفيذ مطالب المجلس الإنتقالي الجنوبي بحسب ما نشرته اليوم صحيفه الشرق الاوسط.
ويبقى السؤال الأهم في حال استجابت كل الأطراف وتم الوصول الى إتفاق يحفظ حقوق كافه الأطراف اليمنية ودول الجوار. فما الضامن أن تلتزم ايران ببنود الإتفاق سواء كان بالتهدئة أو بإحلال سلام شامل؟ في حقيقة الأمر فإن الضامن الأكبر هو وجود الصين وروسيا كضامن وراعي لهذا الإجتماع في صنعاء، ومن غير المنطقي أن تجازف ايران في هذا التوقيت الذي تعيش فيه أزمات إقتصادية وسياسية وعسكرية وأمنية بمصالحها مع الصين وروسيا الحلفاء الأهم لطهران ، حيث أن ايران تستهدف إحياء إقتصادها بصفقة قدرها 250 مليار دولار استثمارات في قطاع الطاقه مع الصين مستقبلا .ومن ناحية أخرى فإن الحكومة الإيرانية ترى أن المملكة العربية السعودية قد مدت لها طوق النجاه في وقت تعلم فيه إدارة ابراهيم رئيسي أنها على شفا حفرة من السقوط بفعل السياسات الداخلية والخارجيه الخاطئة التي افقدت ايران علاقتها المتوازنة مع جيرانها وجعلتها في معزل عن العالم واساءت لصورتها الدولية وكانت السبب في تطبيق عقوبات اقتصاديه أثرت على البورصة الإيرانية وقيمة العملة التي انخفضت لأكثر من 68% وانعكس ذلك على حياه المواطن الإيراني الذي أصبح يتحمل وحده تبعات التضخم الذي تعدى 58% وإنهيار البنية التحتية وإنعدام الخدمات المقدمة للمواطنين. ولعل هذا ما يجيب عن التساؤل بخصوص سلوك ايران و أذرعها في حال تم التوصل الى إتفاق يرضي جميع الاطراف. فهل سيصبح تغيير استراتيجي ام تكتيكي في سلوك ايران والحوثي.
ولا يمكننا أن نهمل أيضا أن جماعة الحوثي أصبح لديها قناعة أن دعم الذي تتلقاه من ولاية الفقيه في طهران ليس بالدعم المستمر والكافي والمضمون لتغطية كافة الإحتياجات السياسية والاقتصادية والعسكرية بالمقارنة مع حزب الله اللبناني التابع لايران والذي يتلقى شتى أنواع الدعم المالي والمعنوي والعسكري المتواصل بلا انقطاع وتحت أي ظروف ما يفرض على جماعة الحوثي أن تنظرإلى كافة الجوانب الأخرى وليس جانب التبعية العقائدية للولي الفقيه في ايران فقط.
مجمل القول ان اجتماع صنعاء لم تعلن نتائجه بعد ولكن هناك تصريحات من قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي تدعو للتفاؤل حول الوصول الى اتفاق مرضي لجميع الاطراف. وبالنهايه فان كافه الاطراف الحاضره على طاوله التفاوض يجمعها اكثر ما يفرقها في هذا التوقيت فالجميع متضرر من الهيمنه الامريكيه وما وما ترتب عليها من دعم للفوضى وتأجيج للنزاعات التي لا تخدم سوى الخزانة الأمريكية.
التعليقات