"إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ".. حضرتنى تلك الأية العظيمة وانا أشاهد تعليقات المتابعين لحلقات المسلسل الرائع (الهرشة السابعة) على صفحات السوشيال ميديا وإنتشار كوكتيل من مشاعر الإستهجان والإستنكار والإستغراب والتمنى والحلم للنماذج المقدمة للرجال وخاصة الازواج بالمسلسل.
وتجلت فى تلك التعليقات كل مظاهر مقاومة التغيير والتى يعبر جميعنا فيها منحنى التغيير وهو النموذج الذى ابتكرته الطبيبة النفسية السويسرية الأمريكية إليزابيث كوبلر روس لوصف المراحل الخمس للحزن التي يمر بها الأشخاص المصابون بأمراض قاتلة.
لا تندهش من المسمى فقد لاقى استحسانا كبيرا، مما أدى إلى تبني المفهوم من خلال القائمين على الدراسات الادارية لتحديد كيفية استجابة الناس لأنواع مختلفة من التغيير التنظيمي.
يتكون المنحنى من سبع مراحل كاملة يمر بها الإنسان فى مواجهة التغيير والذى يكون فى الأغلب مفاجىء اولهما الصدمة والإنكار والإحباط وأوسطهما قبول الواقع والإختبار وأخرهم البحث عن معانى التغيير والاندماج.
وإذا تمعنا فى ما سبق من مراحل التغيير سنجد أننا جميعا نمر بها على إختلاف المراحل التى نجتازها أو نتعثر فيها أو نتوقف عندها، فى النهاية علينا أن نمر بالمنحنى ونعبره .
من بعض التعليقات التى إستوقفتنى والتى تعبرعن المنحنى محتواها الشعور بالصدمة والإنكار الفورى لوجود نماذج من الازواج الرجال يشعرون بألالام شركاء حياتهم من الزوجات وكيف يتقبل الزوج غضب زوجته بل ويتفهمه، بل الأعجب تعليق أخر عن كيف يسمح الرجل لزوجته أن تفكر فيما تحب لتعمله؟.
حالة الرفض تلك والمصحوبة بالخوف والرعب والتى تتملك البنات فى المجتمعات الشرقية فى رؤيتهن للصورة الجديدة التى كل بضع سنوات يكرمنا الله بمؤلف أو مؤلفة يجتهدون لتغيير الصورة النمطية للأسرة المصرية وأن نتخلى عن صورة لإنماط الدرامية التى قدمها فى الماضى الفنان رشدى أباظة أو الصورة النمطية التى إستكملها حاليا الفنان أحمد عز والتى مازالت تسكن أحلام البنات أن الرجولة هى الصوت العالى والإهانة وطمس الشخصية للمرأة بدعوى الحب.
البنات خائفات من الحلم بوجود تلك الشخصيات الأسطورية كما يقولون والتى قد تحجب عنهن الإرتباط رغبة فى الحياة مع شريك حياة متفهم وله أذن تسمع أو أملا فى التعامل كشريك حياة وليس عامل فى منظومة يحكمها مدير وعنده موظفة.
أيضا بعض التعليقات جانب الرجال كانت مثال حى على الإجتهاد والمثابرة من إلصاق كل الإتهامات والصفات السيئة الخالية من الرجولة لتلك النماذج المقدمة بالمسلسل وإطلاق ألفاظ دارجة يستخدمها شباب وبنات هذا الجيل تشين تلك الأفعال بهدف قتل الحلم قبل إكتماله لتغيير ثقافة مجتمعية أهدرت دماء أسر كثيرة.
أغلب الأحاديث التى تم تداولها كانت تختص بالأساس بالمشاهد التى يحتوى فيها الزوج غضب زوجته ويستوعب مشاعرها ويتقبل الصوت العالى منها ويتفهم أسبابه خاصة بعد إنهيارها من رعايتها لتوأم رزقت بيهم، المقاومة هنا تستدعى الإنتباه فكم من أنماط درامية عاشت معنا سنوات تقبلنا فيها حتى الإنصهار غضب الأزواج وعصبيتهم على أمور قد يندرج بعضها فى باب التفاهه والسيطرة ليس إلا والأن حينما تنقلب عصا موسي تقوم الدنيا ولا تقعد !!.
لماذا نقاوم إستبدال الصور التى إستهلكتنا كأسر ونرى التشتت هنا وهناك ؟ لماذا لا نسمح بقبول التغيير والتجربة والمرور بالمراحل السبعة حتى نرى هل الإندماج هو الحل أم هناك حلول أخرى؟ يتمسك العاملين على الانتاج فى مصر بالملايين والربح السريع والبحث عن الشو الإعلامي والذي يقدم للاسف من كل البرامج مما يحفزهم للاستمرار ويقوى المقاومة لإحداث تغيير.
كيف سنغير ما بأنفسنا إذا كانت تصاحبنا الفكرة الاجتماعية الروتينية للزواج والإنجاب ورسم الحياة الزوجية كسجن لا يملك مفتاحه أحد الطرفين، إلا إذا بدأنا بأنفسنا وتقبلنا النفحات التى ترسل إلينا من هنا وهناك؟
تخيلوا معى مجتمعات بها أسر تبنى على فكرة المشاركة والإحتواء والسند من كلا الطرفين.
مجتمعات تبنى على فن الإصغاء لشريك الحياة والإدراك التام لمشاكله ومساعدته ليتجاوزها.
مجتمعات لا تردد جملا عقيمة نستشهد فيها بالزوجات والأزواج من أزمنة ماضيه وكيف تحملوا وصبروا وكأن العذاب والمعاناة جينات نتوارثها فتمنع تطورنا ونعيش أموات نساء ورجال.
هنا فى الحالة التى نتحدث عنها ستكون مقاومة التغيير تمر فى إتجاهين الأول هو الواقع السائد أو النماذج الدارجة التى تكافح للصمود والبقاء للنهاية فى ظل اتجاه أخر نراه فى قلة من المؤلفين القائمين بمحاولات لزلزلة الافكار التى تيبست فى العقول لكسرها وتحريك المياة الراكده بنماذج تبث الأمل فى الشباب والبنات مستقبل أى وطن وبناءه.
التعليقات