أعترف أني شخص مزعج جدًا في نظر أحدهم. ألهث وراء المثالية في كل شيء، أفضل المسافات الآمنة والرؤية بعيني وليس من خلال المرايا، دقة القيادة واختصار الطريق.
أحب ترتيب وتثبيت أماكن الأشياء والتخلص من كل زيادة منها وأعتبرها من الأعمال التي تضع الشخص في منزلة الصالحين.
المثالي هو أن تحصل على ما تبحث عنه ولو طنت مغمض العينين.
ولكن … في ما يخص حياة القلوب، أنت من يضع مقياس للمسافة بيني وبينك.
في خزينة الصراف، كل فئة مخزنة لها قيمتها. كل إنسان له قيمته عندي بعد أن يمر بتحليل نقاوة القلب والسريرة.
أحيانا أخاف من نفسي، من قدرتي على رصد أدق مشاعر الآخرين.
أرواحنا يؤثر فيها كل شيء نزهر في الأماكن التي ذبلنا فيها في أحد الأيام، يصيبنا الجفاف ثم نرتوي، تجرحنا الأماكن والأشخاص ثم نتعافى حين يسقط الشتاء على قلوبنا، كما يحدث في "غسيل البلح".
نكِدّ ونلهث في أيام كثيرة، ننظر لفعل الزمن بحنايا وجوهنا، نمرض ولا نموت، ثم نتعافى لأننا بشر نرغب بقوة في الحياة.
لا أبحث عن شخص عنده الخير بل ألهث وراء من أجد فيه الخير، عنمن يشعرني بالسكينة، من يجعلني مستثناة، من يقرأ سطوري ويمنحني الهوية والرغبة في البقاء.
دافئة جدًا فكرة أن تجد من يعرف عنك ما لا تعرفه عن نفسك.
روعة النص ليس في فكرته أو حبكته قدر طريقة تناوله وكم المشاعر المنقولة إليك، ما يجعلك تعيش حياة ليست لك وتخوض دهاليز رواية لا تنتمي إليها، تحب أبطالها وتتصور أنك تخالطهم وتتمنى بقائهم إلى جوارك، ثم تعود لقراءة النص مرات أخرى عندما تفتقدهم.
تلك هي الرواية الناجحة وهذا هو سبيلك الأوحد لتغدو البطل في قصتك.
التقيت اليوم بجُملةً رائعة جداً تقول:
"بذرتك الطيِّبة تجعلك في تصادف دائم مع الطيِّبين".
أؤمن جدًا بهذه المقولة، وبكل ما تحمله من طمأنينة تطيب بها خاطري.
كل الجمال الذي تصطحبه بداخلك يُدّخَر لك.
كلما احتفظت في قلبك بأكبر قدر من الخِيرة فسيُسخِّر الله لك أمثالك.
رغم هذا الكم الهائل من البشر السيِّئين وأصحاب النفوس المؤذيَّة، غالبا وفي يوم ليس ببعيد ستعثر على من يشبهونك، سيلقي الله في طريقك من يحترم إنسانيتك ويقدرها، من يرحب بقلبك في كل وقت ومن تأمن أن تعيش إلى جانبه في سلام.
هي فقط توقيتات!!
تسابيح الروح هي صفائها وتَرفُعها عن مثْقِلات النفوس. ستظل تتحرى الصدق وتكافح أن تجعله يبدو دومًا اختيارك الأوحد، تسقط وتتعثر حتى يأتي من يأخذ بيدك ويرى من خلالك خيوط النور، يرمم ما تآكل من روحك، يزيح المشاعر الرمادية عن قلبك ويأخذ بيدك لجهاد السعادة.
هناك مثل سوري يقول "صفّي النية ونام بالبرية".
هذا كل ما تحتاجه لإقامة الحياة.
لن تستطيع أن تجعل الآخرين يرونك بعينيك ويطلعوا على سماحة روحك، الله وحده من يأذن بذلك في الموعد الذي يراك تستحقه.
في العامية المصرية الجميلة يقولون "شيش الشيش" أي اِغلقه إلى منتصفه فتقلل وهج الشمس وتسمح للهواء الرطب أن يتخلل غرفتك.
وأنت تفعل ذلك ردد "وأصلح لي شأني كله" فلن يدفع عنك السوء أحدًا غير الله. هو الذي يطفئ بلطفه قلقك، يُقيمَك برحمته بيديه الحانيتين ثم يرمم ضعفك بعِزَته وجبره.
ليتنا كنا نمتلك حق إعادة الأيام، لكنا وضعنا الكثير من البشر منذ اليوم الأول في خانة الأرشيف.
المدهش في غياب هذا الحق أن الله هو من يستبدل، يزيح الثمر الفاسد، يعوض بالمبهر ثم يدهشك جبرًا وكأنك لم تحزن يومًا.
من ضمن ثقل الدنيا أنك تستيقظ في كثير من الأيام بلا رغبة حقيقية في العيش يغدو قلبك بلا نبض ولغتك تفتقد التفسير، تروي نصف الحكايات، تختصر الكلمات وتقبض على الابتسامات؛ قد غدوت كبير على تصنع الود وتزييف الشعور والسلام بأطراف الأصابع.
لا يوجد مضاد حيوي للنجاة، لا مفر من بعض المعاناة، إنما تلك الأيام الكسيرة قَدَر من ينتظر هطول النِعَم.
وهي بلا شك تهطل!
ليس كل من يتحدث عن الحكمة يستطيع تطبيقها، لكن كل من يصطبر وينتظر الفرج يناله، ينزله الله على القلب كالبرق فيشرق ويضيء ما أطفئه البُغَضاء في قلوبنا.
سأظل كل فجر أترقب الطيبات، انزح الكدر عن قلوب من أحببت، أحمده على الجبر والصبر والقرب ووصول الدعاء، أُلزم قلبي بنثر حبات القمح في الجدب؛ فالأرض التي نتركها خلفنا هي منبت استحقاقنا لأيام أكثر مودة.
رطبوا أرواحكم بالمزيد من الصبر ولياقة الروح ونفس طويل على متاعب الحياة.
الغضب مكلف جدًا، إنما في التجاهل الكثير من الحياة.
اقتسم اللطف مع من يلامس روحك من يشعرك أنه عثر على لؤلؤة نفيسة في قاع مظلم بعد بحث مضنٍ، من يراك ويحبك على ما أنت عليه وليس على ما يبغيه من ورائك، من يشاركك ريف قلبك ونسيم لطافتك وأريج ابتساماتك.
تقبل الله محبتك وصومك لسلام القلوب وترفعك عن خبايا الكلمات.
التعليقات